الفصل السادس من الطوالع السعدية في بيان مهام الدعوة الفردية للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف

كتاب الطوالع السعدية في بيان مهام الدعوة الفردية للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف الداعية الإسلامي وصاحب المصنفات في مجال الدعوة، وهو كتاب مهم في بيان قضية الدعوة إلى الله بشكل عام، والدعوة الفردية بشكل خاص، ويبين للمسلم مفهوم قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة}، يبين فيه الحبيب محمد أهمية الاهتمام بأمر المسلمين ودعوتهم إلى سبيل الله، وأهمية الدعوة الفردية من خلال بيان مهمة بعث الرسل ليوقظوا قلوب العباد، وتأييدهم المنهاج الكامل، وذكر الآثار والأدلة التي تحث على الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والكلام عمن هو مكلف بالدعوة الفردية، وبيان الأوهام التي تثبط الدعوة ومعاني الدعوة الفردية ومراحلها والآداب القلبية للداعية.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آداب الداعي القلبية

 

كما ذكرنا في هذا البحث الأساليب والوسائل التي يتوصل بها الداعي إلى الغاية التي ينشدها من المدعوين، فبقي أن نذكر ما هو أهم من ذلك كله، وهو الأساس وهو روح الدعوة وهي الآداب القلبية، فالأساليب والوسائل التي مر ذكرها مثل الجسد والآداب القلبية كالروح لهذا الجسد فجسم بلا روح يعتبر جيفة وإن كان في هذا الظاهر حسنا فلابد له أن يتعفن.

والمقصود في هذا الفصل ذكر هذه الآداب باختصار وإلا فهي تحتاج إلى شرح طويل: والأساس في هذه الآداب: النية الصالحة الخالصة لوجه الله الكريم، وبقية الآداب هي:
1. الإخلاص.
2. الصدق بأن يوجه ظاهره وباطنه إلى الدعوة إلى الله.
3. الانطواء في نية الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وكمل ورثته من رجال الدعوة إلى الله الصادقين.
4. استشعار فرح الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم بدعوة أفراد أمته.
5. الشفقة والرحمة للمدعو.
6. المحبة في الله للمدعو.
7. الدعاء والوجه القلبي للمدعو خصوصًا الدعاء له في ظهر الغيب وفي جوف الليل.
8. عدم رؤية الأفضلية عليه فالأمور بخواتيمها.
9. أن يعتقد الداعي أن الثمرات التي تظهر من دعوته وعمله إنما هي بتوفيق الله وإرادته وببركة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، وما هو إلا مجرد سبب فلا ينسب إلى ذاته شيء، قال تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال: ١٧].
10. ألا يحمل في قلبه شيئًا على من آذاه أو من شتمه بل يدعو له بالهداية.
11. ألا يصدق ما يقال من الثناء عليه ولا يركن إليه.
12. أن يقمع النفس عن محبة المنزلة في قلوب الخلق ونفوذ الكلمة فيهم وعلى أن ترى لهم حقًّا على من استمعوا إليها أو انتفعوا به بأن ينقادوا إليه أو يكونوا تحت تصرفه ورهن إشارته.
13. ألا يستنكف الداعي أن يتلقى النصح ويستمع الوعظ من غيره من الدعاة وإن كان في الظاهر أقل منه، فالداعي الصادق لا يرى أحدًا أقل منه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها هو أحق بها» [1].
14. ألا ينظر إلى ما في أيدي الناس من الدنيا، قال تعالى: {لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين} [الحِجْر: ٨٨].
15. عدم اليأس مهما كان المدعو.

إشادة وتوضيح
بقلم راجي عفو مولاه الغفور أبي بكر العدني بن علي المشهور:
الحمد لله الملهم من يشاء إلى ما يشاء والصلاة والسلام على نبي الدعوة المبعوث بالهدى والرحمة وحسن التصرف مع المسلمين بالتي هي أحسن وأساس الإحسان الحكمة وعلى آله الكرام وصحابته الأعلام وعلى من اهتدى بهديهم وسار في نهجهم إلى يوم القيامة، وبعد:
فقد اطلعت بروية وتمعن لرسالة الولد المبارك محمد عبد الرحمن السقاف حول أسلوب الدعوة إلى الله فوجدتها تفي بغرضها التعليمي الدعوي وتسهم في إيضاح أسلوب العمل الدعوي بين الشباب ومتى ما قررت لطلاب العلم المهتمين بالدعوة بين الشباب ومتى ما قررت لطلاب العلم المهتمين بالدعوة إلى الله سيكون مردودها جيِّدًا وخاصة أنها فريدة في نوعها في هذا الفن التعليمي.

فكثير من شباب الدعوة يبنون حديثهم ونشاطهم في الدعوة على التجربة والمشاهدة والحق أن الدعوة فن وأسلوب وفقه خاص، ومتى ما استوعبها الداعي صار قوله وفعله أكثر أثرًا على السامع وألزم للإقناع والاستجذاب.

وبما أن الدعوة في عصرنا تعاني أزمة الازدواجية والعشوائية وتقمص الأدعياء فالرسالة بلا شك ستضع لبنة الترتيب الأولى للداعي الشاب بحيث يعرف كيف ينوي وكيف يبدأ العمل ومتى يتكلم ومتى يصمت وإني إذ أشكر هذا الولد على تفانيه في خدمة الدعوة أشكره أيضًا على كتابة هذه الرسالة النافعة. وأسأل الله أن ينفع بها ظاهرًا وباطنًا.

 

[1] رواه الترمذي 2611.