الصداقات العادية بين الناس، التي تكون نابعة عن اهتمامات مشتركة، كيف أحولها الى صداقة لوجه الله؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

الصداقات العادية بين الناس، التي تكون نابعة عن اهتمامات مشتركة، كيف أحولها الى صداقة لوجه الله؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

يكون ذلك من خلال مجموعة من الأمور و من أهمها :

أولاً – استحضار النوايا الصالحة في هذه الصحبة : كنية التعاون على الخير، و نية التعارف، و حسن التعامل مع الناس، و نية النفع لهم، و غير ذلك من النوايا الطيبة
فالنية لها أثرٌ عجيب وكبير في تحويل أي عمل اعتيادي إلى عمل عبادي يؤجر عليه الإنسان المسلم ؛ (فالنيات تقلب العادات عبادات )، كما في الحديث العظيم الصحيح «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» متفق عليه (1)

ثانياً – السعي في تطبيق هذه النوايا عملياً : من خلال نفعهم و مساعدتهم و حبِّ الخير لهم و نصحهم و غير ذلك من حقوق المسلم على المسلم ، و هذه بعض النصوص الشرعية التي تدل على ذلك
– يقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة 2]
– وعن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخلق عيال الله وأحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعياله» (2)
– و كما في الحديث الصحيح : «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ». متفق عليه(3)
– وقال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحةُ» قلنا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ».(4)


ثالثاً- ألا تنتظر منهم مقابلاً أو إحساناً أو ردّاً للمعروف : 
فإن حصل ذلك منهم فبها و نعمت، و إلا فإنك قد أخذت أجرك من الله تعالى في كل الأحوال، و ذقت حلاوة الإيمان، كما في الحديث : «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إلَاّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. (5)

 و بهذه الأمور و غيرها، تكون صداقتك معهم خالصةً لوجه الله تعالى و تؤجر عليها، و الله أعلم

الهوامش:
1- صحيح البخاري : رقم (1)، و صحيح مسلم : رقم (1907)
2- شعب الإيمان للبيهقي: رقم (7445)
3- صحيح البخاري : رقم (13) ، و صحيح مسلم : رقم (45) .
4- صحيح مسلم: رقم (55)
5- صحيح البخاري: حديث رقم (16)، و صحيح مسلم: (43)

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ