الجزء الأول من سلسلة الطوالع السعدية في بيان مهام الدعوة الفردية للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف: في الحث على الدعوة إلى الله

كتاب الطوالع السعدية في بيان مهام الدعوة الفردية للحبيب محمد بن عبد الرحمن السقاف الداعية الإسلامي وصاحب المصنفات في مجال الدعوة، وهو كتاب مهم في بيان قضية الدعوة إلى الله بشكل عام، والدعوة الفردية بشكل خاص، ويبين للمسلم مفهوم قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة}، يبين فيه الحبيب محمد أهمية الاهتمام بأمر المسلمين ودعوتهم إلى سبيل الله، وأهمية الدعوة الفردية من خلال بيان مهمة بعث الرسل ليوقظوا قلوب العباد، وتأييدهم المنهاج الكامل، وذكر الآثار والأدلة التي تحث على الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والكلام عمن هو مكلف بالدعوة الفردية، وبيان الأوهام التي تثبط الدعوة ومعاني الدعوة الفردية ومراحلها والآداب القلبية للداعية.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الفصل الأول

في الحث على الدعوة إلى الله

وهو منقول من كلام الإمام الحداد في مقدمة كتاب الدعوة التامة

 

قال الله العلي العظيم القوي المتين في كتابه العزيز المبين لرسوله الصادق الأمين {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣]، وقال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤].

فالدعاء إلى الله وإلى سبيله ودينه وطاعته وصف الأنبياء والمرسلين ودأبهم، وبه وله بعثهم الله وأمرهم وأوصاهم، عليه وحثهم وحرضهم، وعلى ذلك اتبعهم واقتدى بهم ورثتهم من العلماء العاملين والأولياء والصالحين من عباد الله المؤمنين، فلم يزالوا على كل حال[1]. وفي كل زمان وحينٍ يدعون الناس إلى سبيل الله وطاعته بأقوالهم وأفعالهم، على غاية من التشمير في ذلك ابتغاء لمرضاة الله وشفقة على عباد الله ورغبة في ثواب الله واقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا»[2]. وقال عليه الصلاة والسلام: «الدال على الخير كفاعله»[3]. وما ورد من الآيات والأخبار والآثار في الأمر بالدعاء إلى الله وإلى سبيله وفي فضل ذلك كثيرة شهيرة، وكل ما ورد في نشر العلم وتعلمه وفي فضل الوعظ والتذكير بل وفي فضل الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل ومندرج في فضل الدعاء إلى الله تعالى وإلى سبيله فإن جميع ذلك من أنواعه وأقسامه. (انتهى كلام الإمام الحداد).

 

[1]على كل حال: أي أنه لا يمنعهم من الدعوة إلى الله طروء شيء عليهم من الأحوال كالقبض والبسط والفرح والحزن وغيرها من الأحوال التي قد تؤثر على الكثير من الدعاة وهذا شأن
الكمل من الرجال.
[2]رواه مسلم 4821، والترمذي 2598، وأبو داود 3993، وأحمد.
[3]رواه الترمذي في العلم 2594، وأبو داود في الأدب، ورواه مسلم بلفظ: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله».