إذا أطال الإمام في الصلاة، هل يجوز لي أن أنوي المفارقة وأتركه؟ ماذا افعل؟

يجيب عن السؤال  الشيخ  محمد فايز عوض

السؤال

إذا أطال الإمام في الصلاة، هل يجوز لي أن أنوي المفارقة وأتركه؟ ماذا افعل؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله و بعد :

فمعلوم ما لصلاة الجماعة من أجر عظيم و فضل كبير وقد جاءت الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة حاضة و حاثة على المحافظة عليها ، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»([1]) فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيها ويقطع جماعته ويفارق إمامه لأدنى سبب من الأسباب قال الله تعالى : ) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ ( محمد ﴿٣٣﴾

ما حكم المفارقة في صلاة الجماعة .

و مفارقة الإمام قد تكون مكروهة، وقد تكون جائزة ، وقد تكون واجبة ،

1. فتكره المفارقة بلا عذر مع صحة الصلاة، واستدل الشافعية على صحة صلاة المأموم مع المفارقة بأن صلاة الجماعة إما سنة على قول والسنن لا تلزم بالشروع إلا في الحج والعمرة ، وإما فرض كفاية على الصحيح فكذلك ،

2. و يجوز عند الشافعية للمأموم أن يفارق صلاة الجماعة وينوي الانفراد إذا كان ذلك لعذر، و من الأعذار التطويل غير المحتمل

قال في منهاج الطالبين (خَرَجَ الإِمَامُ مِنْ صَلاتِهِ انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقَطَعَهَا الْمَأْمُومُ جَازَ ، وَفِي قَوْلٍ لا يَجُوزُ إلا بِعُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ ، وَمِنْ الْعُذْرِ تَطْوِيلُ الإِمَامِ ).

و قال الشارح في بيانه العذر (وَالْمَأْمُومُ لا يَصْبِرُ عَلَى التَّطْوِيلِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ ، لِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ مُعَاذٍ) ([2])

و المراد بقصة معاذ ما روي عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قال : كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ ، فَيَؤُمُّهُمْ ، فَأَخَّرَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ ، ثُمَّ رَجَعَ مُعَاذٌ يَؤُمُّ قَوْمَهُ ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ ، فَتَنَحَّى رَجُلٌ وَصَلَّى نَاحِيَةً ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالُوا : مَا لَكَ يَا فُلَانُ ؟ نَافَقْتَ ؟ قَالَ : مَا نَافَقْتُ ، وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلَأُخْبِرَنَّهُ ! قَالَ : فَذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ مُعَاذًا يُصَلِّي مَعَكَ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا ، وَإِنَّكَ أَخَّرْتَ الْعِشَاءَ الْبَارِحَةَ ، ثُمَّ جَاءَ يَؤُمُّنَا فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ ، وَإِنَّمَا نَعْمَلُ بِأَيْدِينَا ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ اقْرَأْ بِسُورَةِ كَذَا ، وَسُورَةِ كَذَا»([3]) .

 و في رواية البخاري «فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ، { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ»([4])

3.   و تكون المفارقة واجبة عند فقد الإمام شرطًا من شروط صحة الصلاة ([5])

كانحراف الإمام بصدره عن القبلة

أو تلبس الإمام بما يبطل صلاته: كرؤية المأموم نجاسة على ثوبه أو بدنه أو تبين أن الإمام محدث أو جنب فإنه يجب على المأموم مفارقته ويتم صلاته منفردا بانيا على ما صلى مع الإمام،([6])

فيجب على الإمام مراعاة حال المأمومين، كما يلزم المأموم المحافظة على عبادته وفقنا الله لما يحبه و يرضاه

([1])البخاري (645) ومسلم (650)
([2]) منهاج الطالبين 1/19 ومغني المحتاج 1 / 259
([3]) ابن خزيمة (1611)
([4]) البخاري (700) ومسلم (465) ،
([5]) مغني المحتاج 1 / 147
([6]) روضة الطالبين 1 / 374

[الشيخ] محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.