أي الحيوانات يصلح للأكل؟
يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض
السؤال
أي الحيوانات يصلح للأكل؟
الجواب
الحمد لله الذي أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث والمستقذرات
فإن طلب الحلال فرض من فروض الأعيان على كل مسلم؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51]، قال المفسرون: المراد به هاهنا: المداومة على أكل الحلال، وقال عليه الصلاة و السلام: « طَلَبُ الْحَلَالِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ »([1])
و الأصل فيما يجوز أكله و ما لا يجوز آيات منها :
قوله عزّ وجلّ: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ]الأنعام: 145[.
وقوله سبحانه وتعالى: )وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث( ]الأعراف: 157[.
وقوله جل جلاله: )يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ( ]المائدة: 4[.
والمراد بالطيبات: ما تستطيبه النفس السليمة وتشتهيه.
وانطلاقاً من هذه الآيات قام حكم الأطعمة حلاًّ وحرمة على المبادئ الثلاثة التالية:
المبدأ الأول: كل حيوان استطابته العرب في حال الخصب والرفاهية، وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم فهو حلال.
ويدخل في هذا الباب:
1. كل حيوان لا يعيش إلا في البحر، وهو السمك بكل أنواعه، وأسمائه، فهو حلال، لأنه العرب استطابت كل ذلك، وجاء الشرع مؤكِّداّ حلَّه وجواز أكله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته»([2]). ويقول تعالى )أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ( ]المائدة: 96[. [فصيد البحر: هو مَصِيده. وطعامه: أي مطعومه].
2. الأنعام: وهي الإبل، والبقر، والغنم، والمعز، والخيل، وبقر وحُمُر الوحش، والظباء والأرانب، وغيرها مما استطابه العرب، وقد جاء الشرع بحلِّها.
لكن يستثنى من عموم ما استطابته العرب ما ورد الشرع بتحريمه، فلا يباح أكله: كالبغال والحُمُر الأهلية. بدليل ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال «نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحُمُر، ورخص في لحوم الخيل»([3]).
و عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: (أطعَمَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحُمُر).([4])
وكل حيوان استخبثته العرب في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كالحشرات ونحوها، فهو حرام إلا ما ورد الشرع بإباحته خصوصاً: كاليربوع، والضَّبّ، والسمُّور، والقنفذ، والوبر، وابن عرس، وغيرها.
اليربوع: دابّة نحو الفأرة، لكن ذنبه أطول، وكذلك أُذُناه، ورجلاه أطول من يديه.
الضَّبّ: دابّة تشبه الجرذون، ولكنه أكبر منه قليلاً.
السمُّور: وهو حيوان يشبه السنور، وهو من ثعالب الترك.
الوَبْر: دابة أصغر من الهر كحلاء العين لا ذنب لها.
ابن عرس: دابّة رقيقة تعادي الفأر، وتدخل حجره وتخرجه.
وقد روى عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الضبّ لست آكله ولا أُحرمه»([5]).
وإنما اعتبر عُرْف العرب في هذا التحليل والتحريم، لأنهم الذين خوطبوا بالشرع أولاً، وفيهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم،
المبدأ الثاني: يحرّم من السباع كل ما له ناب قويّ يفترس به: كالكلب، والخنزير، والذئب، والدب، والهرّة، وابن آوى ـ وهو حيوان فوق الثعلب ودون الكلب، طويل المخالب والفيل، والسبع، والنمر، والفهد، والقرد، وأمثالها مما له ناب قوي يفترس به.
فإن كان نابه ضعيفاً، لا يبلغ أن يفترس به، لم يحرّم أكله؛ كالضبع والثعلب.
عن ابن أبي عمّار، قال: قلت لجابر رضي الله عنه: (الضَّبُع صيد هي؟ قال: نعم. قال: قلت: آكله؟ قال: نعم. قال: قلت له: أقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم).([6])
ويحرّم من الطيور كل ما له مخلب؛ أي ظفر قوي يجرح به: كالنسر، والصقر، والباز، والشاهين، والعقاب.
فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن كل ذي ناب من السباع).([7])
ولأن هذه الحيوانات من السباع والطيور من شأنها أن تأكل الجيف، بسبب طبيعة الافتراس التي فيها، فتكون بسبب ذلك من الحيوانات المستخبثة.
المبدأ الثالث: يحرّم كل حيوان ندب قتله: كحية، وعقرب، وغراب، وحدأة، وفأر، وكل ما ثبت ضرره. فهذه الحيوانات ونحوها يحرم أكلها سواء استطابتها العرب، أم لا، لأنه ثبت ندب قتلها بالسنّة، على أن معظمها مما تعافه العرب.
عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب كلهنّ فاسق، يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور».([8])
[فاسق: من الفسق، وهو الخروج، ووصفت هذه الدواب بذلك، لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد، وعدم الانتفاع.
العقور: الجارح الذي يتعرض للناس، ويعضّهم].([9])
رزقنا الله رزقا حلالا طيبا ، و الحمد لله رب العالمين
([2]) الترمذي (69)
([3]) البخاري (5204)
([4]) الترمذي (1794)
([5]) البخاري (5216)
([6]) الترمذي (1792)
([7]) البخاري (5210) ومسلم (1932)
([8]) البخاري (1732) ومسلم في (1198)
([9]) الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى 3/63
نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني، 18/309
البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني 4/500
[الشيخ] محمد فايز عوض
هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض من مواليد دمشق – سوريا 1965
درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها
خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985
حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور في باكستان.
له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.
درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،
مدرس في جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية
مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول
عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..
من مشايخه الذين قرأ عليهم:
والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.