أمتلك الكثير من النعم والممتلكات، لكني أحيانا أنسى ذلك، وأتطلع الى امتلاك المزيد، كيف أتغلب على هذا الأمر؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
أمتلك الكثير من النعم والممتلكات، لكني أحيانا أنسى ذلك، وأتطلع الى امتلاك المزيد، كيف أتغلب على هذا الأمر؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
بداية من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالرغبة في الحصول على المزيد من نِعم الله تعالى؛ فهذه جبلّة في الإنسان خلقه الله تعالى عليها، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ.». (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”أُرْسِلَ عَلَي أَيُّوبَ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَنْشُرُ يَقْبِضُهَا فِي ثَوْبِهِ، فَنُودِيَ يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ يَكْفِكَ مَا أَعْطَيْنَاكَ؟ قَالَ: أَيْ رَبِّ، وَمَنْ يَسْتَغْنِي عَنْ فَضْلِكَ”(2)
إذاً لا مانع أن تطلب من ربك المزيد من فضله، بل هو الذي قال:
﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32] لكن أهم شيء أن تقوم بواجب ما يمنُّ الله تعالى به عليك؛ بأن تشكر المعطي سبحانه وتعالى أولاً، وأن تؤدي حقه ثانياً؛ فإن كان مالاً تؤدي حقه بدفع الزكاة ومساعدة المحتاجين، وإن كان ولداً بحسن التربية والتنشئة على الإسلام… وإياك وأن تصل ببحثك عن الزيادة لحد الطمع؛ بأن تبحث عن المزيد من المال ولو على حساب الآخرين، فهذا مذموم، وعند ذلك نقول لك عليك بالقناعة، وهي أن تشعر بالرضا وتقدير النعم التي تملكها، والاكتفاء بها، دون السعي المفرط للحصول على المزيد.
وتذكر أن الدنيا دار وفناء، وما فيها ظلٌ زائل، يقول الله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ [الكهف 46] وتذكر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي اللَّه عنهما، قال : أَخَذ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِمَنْكِبَيَّ ، فقال: « كُنْ في الدُّنْيا كأَنَّكَ غريبٌ ، أَوْ عَابِرُ سبيلٍ ». وَكَانَ ابنُ عمرَ رضي اللَّه عنهما، يقول: إِذَا أَمْسيْتَ ، فَلا تَنْتظِرِ الصَّباحَ وإِذَا أَصْبحْت ، فَلا تنْتَظِرِ المَساءَ ، وخُذْ منْ صِحَّتِكَ لمرضِكَ ومِنْ حياتِك لِموتكَ . (3)
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1): صحيح البخاري (6436).
(2): مسند الحميدي (1091)؛ مسند أحمد (7309) إلا أنه رواه موقوفاً على أبي هريرة.
(3): صحيح البخاري (6416).
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.