أرجو منكم إخباري ببعض الفضائل التي تتعلق بتلاوة سورة الملك؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى 

السؤال

أرجو منكم إخباري ببعض الفضائل التي تتعلق بتلاوة سورة الملك؟

الجواب

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

رغَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن، وبيَّن عظيمَ أجر من يقرؤه، ويعملُ به؛ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ ‌أَلِفٌ ‌حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ». (1)

وقال صلى الله عليه وسلم: “‌مَنْ ‌قَرَأَ ‌القُرْآنَ ‌فَقَدِ ‌اسْتَدْرَجَ ‌النُّبُوَّةَ ‌بين ‌جَنْبَيْهِ، غيرَ أنَّه لا يُوحَى إليه. ولا يَنْبَغِي لصَاحِبِ القُرْآنِ أَنْ يُحَدَّ مع مَنْ حُدَّ، ولا يَجْهَلَ مع من جَهِلَ، وفي جَوْفِهِ كلامُ اللَّه تعالى”. (2)

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ، يَقْرَأُ سُورَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا، فَلَا يَقْرَبُهُ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ ‌حَتَّى ‌يَهُبَّ ‌مَتَى ‌هَبَّ». (3)

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: ” ‌ثَلَاثَةٌ ‌لَا ‌يَهُولُهُمُ ‌الْفَزَعُ ‌الْأَكْبَرُ ‌وَلَا ‌يَنَالُهُمُ ‌الْحِسَابُ ‌هُمْ ‌عَلَى ‌كَثِيبٍ مِنْ مِسْكٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلَائِقِ: رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَأَمَّ بِهِ قَوْمًا وَهُمْ يَرْضَوْنَ بِهِ…”. (4)

ورغَّب صلى الله عليه وسلم كذلك في قراءة بعض الآيات وبعض السور؛ لفضلها كآية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسورة: قل هو الله أحد، وسورة الكافرون، وغير ذلك من السور التي ورد في فضلها أثر مخصوص.

ومن السور التي رغب بها: سورة تبارك، أو سورة الملك، وهي سورة عظيمة، ورد في فضلها أحاديث، منها:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: ” إِنَّ ‌سُورَةً ‌مِنَ ‌الْقُرْآنِ، ‌ثَلَاثُونَ ‌آيَةً، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1]. (5)

وعن ‌جابر رضي الله تعالى عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌كَانَ ‌لَا ‌يَنَامُ ‌حَتَّى ‌يَقْرَأَ {‌الم * ‌تَنْزِيلُ}، ‌وَ {‌تَبَارَكَ ‌الَّذِي ‌بِيَدِهِ ‌الْمُلْكُ}». (6)

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَدِدتُ أنّها ‌في ‌قلب ‌كلّ ‌مؤمن” يعني {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}”. (7)

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِبَاءَهُ عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ لَا يَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ضَرَبْتُ خِبَائِي عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لَا أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ، فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ المُلْكِ حَتَّى خَتَمَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌هِيَ ‌المَانِعَةُ، ‌هِيَ ‌المُنْجِيَةُ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ». (8)

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ” مَنْ قَرَأَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] كُلَّ لَيْلَةٍ مَنَعَهُ اللهُ بِهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَكُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمِّيهَا الْمَانِعَةَ، وَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ مَنْ قَرَأَ بِهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ‌فَقَدْ ‌أَكْثَرَ ‌وَأَطَابَ “. (9)
ملحوظات

إن التفضيل بين السور والآيات يحتاج إلى النقل المحضِ؛ فلا يصلح في هذا الباب الاجتهاد. كما أن السورَ التي ورد فيها فضائل أقلُّ من السور التي لم يرد فيها فضائل.

– بما أن الأصل في التفضيل بين السور هو النقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنه يحرم الكذب بوضع فضائل للسور لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما حصل من بعض الزهاد الذين أرادوا الترغيب بالقرآن فاعتمدوا الكذب، كما فعل أبو عصمة الجامع؛

قال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث (فضائل القرآن سورة سورة) حسبة. () ينظر: د. مساعد الطيار: المحرر في علوم القرآن ص189.

وأخيراً:

لما سبق من الأحاديث؛ فإنه يستحب قراءة سورة الملك قبل النوم كلّ ليلة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ومن قرأها وواظب عليها شفعت له في القبر، أو شفعت له يوم القيامة، وهي المانعة، المنجية من عذاب القبر.
أعانني الله وإياك أخي السائل على قراءة القرآن، والمواظبة على قراءة سورة تبارك كل يوم… آمين.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): ينظر: البرهان في علوم القرآن للزركشي (2/28)؛ الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (3/66)؛ علوم القرآن د. عتر ص131؛ مباحث في علوم القرآن مناع القطان ص238؛ المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص205؛ مباحث في علوم القرآن صبحي الصالح ص259.
(2):ينظر: معجم علوم القرآن إبراهيم محمد الجرمي ص291.
(3):ينظر: صحيح مسلم (1452)؛ دراسات في علوم القرآن أبو بكر إسماعيل ص249؛ الواضح في علوم القرآن مصطفى البغا ص145؛ علوم القرآن الكريم نور الدين عتر ص132.
(4): ينظر: مباحث في علوم القرآن صبحي الصالح ص259؛ علوم القرآن الكريم نور الدين عتر ص133.
(5):دراسات في علوم القرآن أبو بكر إسماعيل ص288.
(6): دراسات في علوم القرآن أبو بكر إسماعيل ص247 وما بعدها.
(7):دراسات في علوم القرآن أبو إسماعيل ص255.
(8):ينظر: الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم أبو بكر ابن العربي (2/28)؛ المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص213.
(9):سنن الترمذي (3049).
(10):سنن أبي داود (3672).
(11):ينظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (3/66)؛ علوم القرآن عتر ص131.
(12):ينظر: علوم القرآن الكريم نور الدين عتر  ص131-ص135، الواضح في علوم القرآن مصطفى البغا – محي الدين مستو ص147؛ دراسات في علوم القرآن محمد بكر إسماعيل ص243-ص244؛ ينظر: فهم القرآن للحارث المحاسبي ص394؛ الناسخ والمنسوخ أبو جعفر النحاس ص649؛ المحرر في علوم القرآن د. مساعد الطيار ص115.

[الشيخ] أنس الموسى

الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.