هل يعتبر التأويل ضرورياً لفهم الصفات الإلهية؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
هل يعتبر التأويل ضرورياً لفهم الصفات الإلهية؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
لا يمكن القول بأن تأويل آيات الصفات ضروريٌّ بإطلاق أو غير ضروريٍّ بإطلاق، بل يعتمد الأمر على السياقات المختلفة والضوابط الشرعية، إذ أن التأويل نوعان: تأويل صحيح وتأويل فاسد.
التأويل الفاسد:هو ما خالف المعقول والمنقول، وهو الذي تبنَّته بعض الفرق الضالة والباطنية.
- التأويل الصحيح:
- هو حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر مع احتماله له بدليل شرعي يعضده.
معاني التأويل في اللغة والاستعمال الشرعي:
التأويل يُستخدم في ثلاثة معانٍ رئيسية:
- صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به
- بمعنى التفسير، وهو الغالب في اصطلاح مفسري القرآن الكريم
- الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، كما في قوله تعالى:﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ ۚ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: 53].
أمثلة على ضرورة التأويل:
مثال لما يجب فيه التأويل: قوله تعالى:
﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: 87]
ظاهر الآية قد يُوهم أن نبي الله يونس عليه السلام ظنَّ العجز في حق الله، وهذا غير مراد قطعًا، لأن من ظنَّ عجز الله تعالى فهو كافر، فكيف يُنسب ذلك إلى نبيٍّ من أنبياء الله؟! لذا يجب تأويل الآية، ففسَّرها العلماء بأن معنى ﴿لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ هو: لن نضيِّق عليه، كما قال تعالى:
﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ [الفجر: 16]، أي ضيَّقه.
الخلاصة:
التأويل في فهم الصفات الإلهية يخضع لضوابط شرعية، فالأصل في الصفات أنها تُثبت كما جاءت دون تحريف أو تعطيل، لكن إذا دلَّ الدليل على أن الظاهر غير مراد، جاز التأويل عند الحاجة، بشرط أن يكون تأويلاً صحيحًا مستندًا إلى اللغة والشرع.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
المصادر:
(1): الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام (3/53).
(2): ينظر: ابن عطية، المحرر الوجيز، 4/97
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.