هل يجوز العمل لدى شركة تتعامل بأنشطة مخالفة لتعاليم الإسلام؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

هل يجوز العمل لدى شركة تتعامل بأنشطة مخالفة لتعاليم الإسلام؟

الجواب

الحمد لله والصلاة على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه و من والاه وبعد:

العمل لدى شركة تمارس أنشطة مخالفة لتعاليم الإسلام يعتمد حكمه على طبيعة الأنشطة المخالفة ومدى مشاركة الموظف فيها.

– فإذا كانت الأنشطة المخالفة هي النشاط الرئيسي للشركة: كما إذا كانت هذه الشركة تتخصص في نشاط محرم، كبيع الخمور، أو إدارة القمار، أو الربا (مثل البنوك الربوية)، أو غير ذلك ..؛ فإن العمل فيها لا يجوز شرعاً ؛ لأن الموظف هنا يساهم في دعم نشاط محرم بشكل مباشر، حتى وإن كان عمله شخصيًا لا يشمل المعصية (كأن يكون في المحاسبة أو الموارد البشرية).

فعنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ” (1)

و عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ ». (2) رواه مسلم

– أما إذا كانت الشركة تمارس أنشطة مباحة، لكنها تتضمن أعمالاً مخالفة أيضاً: فإن حكم العمل فيها يتوقف على مدى مشاركة الموظف في الأنشطة المحرمة ، فإذا كان الموظف يعمل في قسم لا علاقة له بالأنشطة المحرمة، كالبنوك التي تحتوي على فروع إسلامية و أخرى ربوية ؛ فلا مانع من العمل فيها و لكن الأولى تركها و البحث عن غيرها لوجود الشبهة، كما قال عليه الصلاة و السلام: ” … فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه و عرضه و من وقع في الشبهات و قع في الحرام…” متفق عليه (3)

و على هذا، فإذا كانت الأنشطة المحرمة تمثل جوهر عمل الشركة، فالعمل فيها حرام، و أما إذا كان نشاطه و عمله في شركة تتضمن أنواعاً كثيرة كن التعاملات و الخدمات و بعضها محر ؛ فلا مانع أن يعمل في القسم المباح منها، مع السعي للانتقال إلى عمل خالٍ من الشبهات إذا أمكن. و الله أعلم

الهامش:
1- مسند الإمام أحمد : رقم (5716)
2- صحيح مسلم: رقم (1598)
3- صحيح البخاري رقم (52) , و صحيح مسلم رقم (1599).

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ