هل يجوز استخدام حبوب منع الحمل لتأخير الحمل لأسباب مثل الدراسة أو توفير المال؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

هل يجوز استخدام حبوب منع الحمل لتأخير الحمل لأسباب مثل إكمال الدراسة أو جمع وتوفير مبلغ مالي ليفي بمتطلبات الأبناء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطر الله الخلق على حب النسل؛ قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ﴾. [آل عمران :٣]

ولم يترك الله طريقة إيجاد ذلك النسل لهوى البشر و رغباتهم ، بل قيد العلاقة التي يمكن إيجاد النسل من خلالها؛ فقال عز من قائل: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۞ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۞ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: 5-7]، فأحل الزواج وحرم السفاح حفاظًا على الأعراض والنسل، فطلب النسل جائز ومشروع، وقد تكلم الفقهاء على منع النسل بوسائل مؤقتة من الزوجين كالعزل أو من أحدهما خاصة في كتاب النكاح.

والحكم الشرعي في ذلك أنه لا يجوز استخدام وسيلة لمنع الحمل بدون إذن الطرف الآخر، فكل من الزوجين لا يحق له أن ينفرد بتحديد النسل، لكن بالتشاور.

ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ”نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها.“

قال العلامة ابن قدامة في المغني:

«‌ولا ‌يعزلُ ‌عن ‌زَوْجتِه ‌الحُرَّةِ ‌إلَّا ‌بإذْنِها. ‌قال ‌القاضى: ‌ظاهرُ ‌كلامِ ‌أحمدَ ‌وُجوبُ ‌اسْتِئْذانِ ‌الزَّوجةِ ‌فى ‌العَزْلِ، ويَحتملُ أَنْ يكونَ مُسْتَحَبًّا؛ لأنَّ حقَّها فى الوَطْءِ دُونَ الإِنْزالِ، بدليلِ أنَّه يَخْرُجُ به مِن الفَيْئَةِ، والعُنَّةِ. وللشَّافعيَّةِ في ذلك وَجْهانِ. والأَوَّلُ أولى؛ لما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: نَهَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الحُرَّةِ إِلَّا بإذْنِها. رواه الإِمامُ أحمدُ، فى “المُسْنَدِ”، وابنُ ماجَه. ولأنَّ لها فى الولدِ حقًّا، وعليها في العَزْلِ ضرَرٌ، فلم يجُزْ إلَّا بإذْنِها». [1]

 ومما تقدم يتبين عدم جواز أخذ وسائل منع الحمل مؤقتًا للزوجة بدون إذن الزوج، كما أنه لا يجوز للزوج أن يغافلها ويجعلها تتناول ما يمنع عنها الحمل دون علمها وإذنها، إلا أن توجد حاجةٌ شرعيةٌ لذلك

إذن الزوج

فالأصل أن استعمال تلك الحبوب بإذن الزوج لا حرج فيه طالما أن هذه الحبوب تؤخر الحمل ولا تقطعه مع أنه لا ينبغي الإكثار منه لأن طلب الولد وكثرة النسل من المقاصد التي حث عليها الشرع ، مع التنويه أن المبرر المذكور و توفير قسط من المال غير معتبر لأن الله تكفل بأرزاق العباد كما قال سبحانه : ﴿وَلَا تَقْتُلُوٓا۟ أَوْلَـٰدَكُم مِّنْ إِمْلَـٰقٍۢ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ ﴾ [الأنعام :١٥١]

خلاصة القول

أنه لا ينبغي تنظيم النسل باستعمال تلك الحبوب ونحوها إلا لحاجة ومصلحة معتبرة.

والمرجع في تقدير هذا الأمر المبرر هو كلا الزوجين إذ هما أدرى بمصالحهما وما يترتب عليها

نسأل الله أن يلهمنا رشدنا إنه سميع مجيب

و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) المغني لابن قدامة (10/ 230) وروضة الطالبين وعمدة المفتين (7/ 205)