هل هناك حلول عملية للتخلص من عادة الغيبة والنميمة في المجتمع؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي
السؤال
هل هناك حلول عملية للتخلص من عادة الغيبة والنميمة في المجتمع؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
نعم هناك حلول كثيرة و من أهمها و أعظمها:
– استحضار ذلك المثال وتلك الصورة المفزعة و المنفرة التي ذكرها الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾. [الحجرات :12]
– استحضار الجزاء و العقوبة العظيمة -المعجّلة و المؤجلة- المترتبة على الغيبة و النميمة
فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». متفق عَلَيْهِ. (1)
وعن أبي هُريرةَ – رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟» قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فَقَالَ: «إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بِصَلَاةٍ وصِيامٍ وَزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أَنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ». رواه مُسلم. (2)
و هذا يشبه حال ذلك الإنسان الذي لديه رصيد كبير في حسابه البنكي؛ فيصرفه هنا وهناك دون منفعة أو مقابل ديني أو دنيوي، بل إنه يعود عليه بالضرر و الخسارة، وهذا غاية الحمق و السفه، و العياذ بالله
– و أخيراً، استحضار المصائب والآثار السلبية الواقعية، و النتائج المدمرة للعلاقات الأسرية و المجتمعية، من خلال القصص و الأحداث المشاهدة في المجتمع ، فالعاقل من اتعظ بغيره
و على هذا فعلى المسلم أن يلتزم المنهج القرآن و السنة الشريفة في كل شؤونه و أحواله و خاصة فيما يتعلق بحقوق العباد؛ فهذا مما لا مسامحة فيه و لا تنازل عنه، فليستدرك ذلك قبل يوم القيامة، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [سورة ق : 37]، و الله الموفق و الهادي إلى سواء السبيل
الشيخ عبد السميع ياقتي
الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م
نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.
عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي
و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية
للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ
الهوامش:
1- صحيح البخاري: حديث رقم (218)، و صحيح مسلم: حديث رقم (292)
2- صحيح مسلم: حديث رقم (2581)