هل صحيح أنه يمكن استنباط فوائد تفسيرية من علم الوقف والابتداء؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

هل صحيح أنه يمكن استنباط فوائد تفسيرية من علم الوقف والابتداء؟

الجواب

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

استنباط فوائد تفسيرية

نعم يمكن استنباط فوائد تفسيرية في علم الوقف والابتداء؛ لأن معرفة الوقف والابتداء لهما علاقة وثيقة بمعاني القرآن وفهم آياته، بل معرفة ذلك من أهم متطلبات الفصاحة في كلام الفصحاء، إذ به تُتَبَيَّنُ معاني الكلام وتُعرف مقاصده وفوائده.

وما رواه عبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ يبين ذلك، حين قال: ”لَقَد عِشْنا بُرهَةً مِن دَهرِنا وأَحَدُنا يُؤتَى ‌الإيمانَ ‌قَبلَ ‌القُرآنِ، وتَنزِلُ السّورَةُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم فيَتَعَلَّمُ حَلالَها وحَرامَها، وآمِرَها وزاجِرَها، وما يَنبَغِى أن يَقِفَ عِندَه مِنها، كما تَعَلَّمونَ أنتُمُ اليَومَ القُرآنَ، ثُمَّ لَقَد رأَيتُ اليَومَ رِجالًا يُؤتَى أحَدُهُمُ القُرآنَ قَبلَ الإيمانِ، فيَقرأُ ما بَينَ فاتِحَتِه إلَى خاتِمَتِه ما يَدرِى ما آمِرُه ولا زاجِرُه، ولا ما يَنبَغِى أن يَقِفَ عِندَه مِنه، فيَنثُرُه نَثرَ الدَّقَلِ.“ (1)

الصلة بين الوقف والابتداء والمعنى

ومما يدل على الصلة بين الوقف والابتداء والمعنى، الحادثة المشهورة، التي رواها ‌عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ: «تَشَهَّدَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، ‌وَمَنْ ‌يَعْصِهِمَا ‌فَقَدْ ‌غَوَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْكُتْ، فَبِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ». (2)

وقد بين أبو جعفر النحاس سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الخطيب؛ أنه وقف على (ومن يعصهما) ثم أكمل (فقد غوى) فكان ينبغي أن يصل كلامه فيقول: (ومن يعصهما فقد غوى)، أو يقف عند قوله: (فقد رشد). فإذا كان هذا مكروهًا في الخُطب وفي كلام الناس، ففي كتاب الله جل وعز أشد كراهيةً، وكان المنع من رسول الله في الكلام بذلك أوكد. (3)

أخيراً

الوقف والابتداء علم اجتهادي يتعلق بدلالات المعاني في سياق الآيات، كما لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد موضع معين يجب الوقف عليه. كما قال ابن الجزري: وليس في القرآن من وقفٍ يجب…… ولا حرامٍ غيرَ ما له سبب.

  وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

(1): المستدرك على الصحيحين للحاكم (101)؛ السنن الكبرى للبيهقي (5355).
(2): مسند أبي داوود الطيالسي (1119).
(3): ينظر: القطع والائتناف أبو جعفر النحاس ص13.
وينظر: ينظر: التحديد في الإتقان التجويد أبي عمرو الداني ص177؛ المكتفى في الوقف والابتدا أبي عمرو الداني ص1؛  قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم عبد العزيز القارئ ص6؛ القطع والائتناف للنحاس ص18