هل إعطاء المال للأولاد الصغار يجعلهم يتعودون على المسؤولية أم الأمر بالعكس من ذلك؟

 يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

هل إعطاء المال للأولاد الصغار يجعلهم يتعودون على المسؤولية أم الأمر بالعكس من ذلك؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد؛

لا بد لنا أن نميِّز دائماً في تربيتنا لأولادنا بين ثلاث مراحل من عمرهم : مرحلة ما قبل التمييز، و مرحلة ما بعد التمييز إلى سن العاشرة، و المرحلة الأخيرة من سن العاشر إلى ما بعد البلوغ، و هذا المنهج مستفادٌ من قول النبي صلى الله عليه وسلم:« مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبـُوهُمْ عَلَيْهَا وَهـُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ». (1)

ففي مرحلة ما قبل التمييز لا يعطى الأولادُ المال؛ و إنما يعطون جوائز و ألعاباً تناسب أعمارهم إذا أردنا أن نكافئهم، لئلا ينشؤون على حبِّ المال لذاته و التعلّق به.

و أما في مرحلة ما بعد التمييز إلى سن العاشرة تقريباً، فلا مانع من إعطائهم المال للتدريب على كيفية التعامل معه و إنفاقه في مكانه

و أما في مرحلة ما بعد العاشرة إلى البلوغ و ما بعد البلوغ، فيجب -تربوياً- إعطاء المال لهم و متابعة تصرفاتهم فيه و كيفية إدارتهم له و توجيههم، و هذا يزيد من قوة شخصيتهم و قدرتهم على تحمل المسؤولية فيما بعد

يقول الله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ..﴾ [النساء 6]

فقد وضّحت هذه الآية الكريمة أنه لا بد من اختبار اليتامى، وهم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم، و هذا الاختبار لا يكون إلا بعد التدريب و التعليم على تحمل مسؤولية حفظ المال وإدارته و إنفاقه في وجهه، فإذا ما بلغوا الحلم وتبين رشدهم -و هو حُسن التصرف فيه-؛ فعندئذٍ ينبغي دفع أموالهم إليهم، و يقاس على هؤلاء اليتامى سائر الأولاد أيضاً و الله أعلم

و على هذا فلا مانع من إعطاء الأولاد بعد سن التمييز بعضاً من المال للتدريب على حفظه  وإدارته، ثم يُزاد في الأمر شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى مرحلة البلوغ مع حسن التصرف في المال و القدرة على تحمل المسؤولية الحياتية و الله و لي التوفيق

الهوامش:

1- سنن أبي داود، حديث رقم ( 495 ).

[الشيخ] عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ