نعمل في شركة لبيع الخضار والفواكه، وأحيانا يطلب منا رمي بعض الفواكه في القمامة مع أنها صالحة للأكل، ماذا نفعل؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

نعمل في شركة لبيع الخضار والفواكه، وأحيانا يطلب منا رمي بعض الفواكه في القمامة مع أنها صالحة للأكل، ماذا نفعل؟

الجواب

  بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

رمي الفواكه والخضار الصالحة للأكل في القمامة، لا يجوز ويعتبر تضيعاً لنعم الله تعالى أُمرنا بالمحافظة عليها، فقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، وَقَالَ: إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، ‌وَلَا ‌يَدَعْهَا ‌لِلشَّيْطَانِ. وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلِتَ الْقَصْعَةَ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ .». (1)

كما تروي السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَرَأَى كِسْرَةً مُلْقَاةً، فَمَشَى إِلَيْهَا فَأَخَذَهَا، فَمَسَحَهَا ثُمَّ أَكَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَحْسِنِي ‌جِوَارَ ‌نِعَمِ اللَّهِ، فَإِنَّهَا قَلَّ مَا تَزُولُ عَنْ أَهْلِ بَيْتٍ فَكَادَتْ أَنْ تَعُودَ إِلَيْهِمْ». (2)

فهذه الأحاديث تشير كلها إلى أهمية الحفاظ على النعم، لأنها من فضل الله تعالى، والواجب على المسلم تقدير فضل الله عليه، وشكره، قال صلى الله عليه وسلم: «أَحِبُّوا اللَّهَ ‌لِمَا ‌يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ..”. (3)

وعليك أخي السائل إذا طلب منك صاحب العمل رمي الخضار والفاكهة الصالحة، أن:

 تنصحه بذكر الأحاديث السابقة، وتبيّن له أن هذا فيه إضاعة للمال، وتذكّره بحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، ‌وَإِضَاعَةَ ‌الْمَالِ.». (4)

 كما يمكنك أن تطلب من صاحب العمل أن يسمح لك أن تأخذ هذه الخضار والفاكهة بدل رميها، وعندها يمكنك أن تستفيد منها، أو تتصدق بها على الفقراء والمحاويج، أو المؤسسات الخيرية، ولكما في ذلك الأجر. أو على أقل تقدير إطعامها للحيوانات، وفي هذا أجر أيضاً، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حين سئل: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: ‌”فِي ‌كُلِّ ‌كَبِدٍ ‌رَطْبَةٍ أَجْرٌ». (5)

وأخيراً: كثير من الناس لا يقدّر قيمة نعم الله تعالى إلاّ بعد زوالها وفقدها، فكم من فقير لا يجد لقمة، وكم من فقير يشتهي الفاكهة ولا يجدها، وكم وكم … لهذا يجب المحافظة على نعم الله تعالى، وشكر المنعم سبحانه، ويحرم هدرها دون فائدة.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): صحيح مسلم (2034).
(2): المعجم الأوسط للطبراني (6451)، شعب الإيمان للبيهقي (4236).
(3): سنن الترمذي (3789).
(4): صحيح البخاري (5975).
(5): صحيح البخاري (2363).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.