نسمع عن الاختلافات بين الفقهاء في الأحكام الشرعية، فمن نتبع؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

نسمع عن الاختلافات بين الفقهاء في الأحكام الشرعية، فمن نتبع؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أسباب اختلاف الفقهاء

من المعروف أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى ما ثبت بدليل قطعي، وما ثبت بدليل ظني. وقد اختلف الفقهاء في المسائل ذات الدلالة الظنية، ويرجع هذا الاختلاف إلى أسباب واضحة تُبحث في علم أصول الفقه.

المثوبة في الاجتهاد

يجدر بالذكر أن المجتهد في مسألة ما يُثاب على اجتهاده، سواء أصاب أم أخطأ. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (رواه البخاري 7352، ومسلم 1716).

اتباع العامي للمجتهد

اتفق جمهور الأصوليين على أن الواجب على العامي – أي من ليس له أهلية الاجتهاد – اتباعُ قول المجتهد والعمل به. فالعالم أو المفتي ينقل الحكم عن المجتهد ولا يُلزم العامي بالنظر المباشر في الأدلة.

قول الآمدي في اتباع العامي للمجتهد

قال الإمام الآمدي رحمه الله:

(الْعَامِّيُّ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مُحَصِّلًا لِبَعْضِ الْعُلُومِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الِاجْتِهَادِ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْأَخْذُ بِفَتْوَاهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ…………….وَيَدُلُّ عَلَيْهِ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَالْمَعْقُولُ.

ثم استدل الآمدي على ذلك بالنصوص والإجماع:

النص: قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وهذا عام لكل المخاطبين في جميع المسائل التي يجهلونها.

الإجماع: استمرت الأمة منذ زمن الصحابة والتابعين في استفتاء المجتهدين دون نكير أو مطالبة بالدليل، مما يدل على وجوب اتباع العامي للمجتهد.

الخلاصة

بناءً على ذلك، فإن الواجب على العامي ومَن في حكمه اتباعُ المجتهدين وعدم النظر في الأدلة الشرعية مباشرة؛ لأنه يفتقر إلى آليات الاجتهاد.

نسأل الله أن يوفقنا لكل خير، وأن يكرمنا بالتزام شرعه والسير على خطاه. والحمد لله رب العالمين.

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) أخرجه البخاري (7352) ومسلم (1716)
([2]) الإحكام في أصول الأحكام – الآمدي (4/ 228)