(معهد نور الهدى) ومهمة نشر الإرث النبوي

يقدم فريق التحرير مادة تعريفية مهمة تبين انطلاقة معهد نور الهدى باللغة العربية، وتحمل رؤية للقارئ توقفه على مسار واتجاه المعهد، وتبين ركيزته التي تعتمد وتؤصل لبيان معنى وراثة الأنبياء وكيف تكون، وأنها تمثل في غايتها العظمى الدعوة إلى الله التي ترتبط بصلاح الداعي إليها وسلامة فكره وأسلوبه، وأن الخلل الذي أصيبت به أمتنا أتي من قبل دعاة تخلوا عن صلاحهم، ولذلك انطلق المعهد باللغة العربية محاولًا نشر الإرث العظيم من خلال الشبكة العالمية (الانترنت)، وهو في حقيقته نابع من الموقع الأم SeekersHub الذي أنشئ سنة 2009، للقيام بمهمة الإرشاد الديني، والذي أصبح عدد طلابه الآن خمسون ألف طالب من جميع أنحاء العالم، ولديه متابعون في أكثر من 120 دولة، وقد تم بناء على هذا النجاح الباهر إنشاء موقع نور الهدى للناطقين باللغة العربية.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم تزل خدمة الدين، وحمل هم نشره وتبليغه إلى الناس، هي المهمة العظمى، والغاية القصوى لكل من وفقه الله تعالى لنيل شرف العلم وتعلمه. إن شرفَ تبليغ الدين، وتعليم الناس أحكامَ شرع الله تعالى، ونشر المحبة والرفق بالعامة ودعوتهم الى طريق الهدى، هو عين الوراثة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (العلماء ورثة الأنبياء).

إن وراثة الأنبياء ليست فقط في تعليم الفقه، أو عقد دروس النحو والصرف، إن الوراثة أمر أكبر من ذلك، إنها الدعوة إلى الله بشتى صورها وكيفيتها. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣]. وهنا يربط الحق تعالى بين الحال والمقال، فإن من لم يعمل صالحاً، لا يكون له قبولٌ في نشر الدعوة مهما أوتي من بلاغة في القول، وحسن ترتيب في الأداء. إن الصلاحَ الذاتيَّ عنصرٌ مهمٌ لنجاحِ الدعوة، ولتقبل المدعُوّينَ لما يُلقى عليهم من الدين والهدَى.

وبهذا، نعلم علماً جازماً، ويقيناً لا يقبل الشك، أن قبول الدعوة مرتبطة بصلاح الداعي، وأن أي خلل في ذات الداعي، وفي سلوكه، وفكره، وأسلوبه، يؤدي الى نتائج غير مرضية، فما بني على باطل لا يؤتي ثماره. ومن هنا، نعلم أن الخلل الذي أصيبت به أمتنا المسلمة المرحومة، إنما أتاها من قبل أفراد منها، أساءوا لأنفسهم بعدم إصلاحها وتهذيب أخلاقها، وتحملوا علماً شريفاً، قادهم سوء طوياتهم إلى الإساءة إليه، وإلى الإساءة الى أمتهم، ومجتمعهم، لأنهم أصبحوا فريسة للآفات الخمس: الشيطان، والنفس، والهوى، وحب الدنيا، الذي يؤدي تغليب المصالح الذاتية. وهذا هو مصداق ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلوا وأضَلوا) متفق عليه، واللفظ للبخاري.

ومن هنا، فقد تلمسنا، نحن في معهد نور الهدى، هذه الحاجة الماسة إلى الحفاظ على إرثنا الإسلامي الديني العظيم، ونشر تعاليمه الصحيحة في العالم، عبر الوسائل الحديثة، التي أصبحت واقعاً معايشاً عند أكثر الناس، وأصبحت الشبكة العالمية (الانترنت) مصدراً مهماً وملهماً للملايين من البشر حول العالم. وهاهو معهدكم المبارك (معهد نور الهدى العالمي للعلوم الشرعية)، يطل عليكم من هذه النافذة، ليتيح للراغبين في طلب العلم، ونيل المعرفة، الحصول على مطلوبهم ومرغوبهم، في يسر وسهولة.

وهنا لابد لنا من عرض تجربتنا في الموقع الأم SeekersHub (السراج المنير) ليتعرف الأعضاء والقراء، والزوار الكرام، على تلك التجربة الثرية، ليعلموا أن إنشاء وإطلاق الموقع العربي (نور الهدى) لم يأت من فراغ. بل أتى تلبية لحاجة ملحة، وسداً لفراغ كبير كان لابد من سده، وخوض غمار تجربته، حملاً للهمّ الدعوي، واستكمالاً للجهد العلمي.

 

التعريف بموقع السراج المنير SeekersHub

في عام 2009م، كان إنشاء وإطلاق موقع السراج المنير SeekersHub، لغرض صحيح، وهدف صريح، هو القيام بمهمة إرشادٍ ديني واضح المعالم، ينبني عليه تمكين الراغبين في التعلم والمعرفة من الحصول على الإرث العلمي الإسلامي الموثوق، بإتاحته مجاناً بلا مقابل، لكل أحد، وفي أي مكان.

والآن، في ختام هذه السنة الميلادية، 2018م، ونحن نشهد اكتمال مرور عشر سنوات من عمر موقع (السراج المنير)، نظرنا إلى النتائج التي تحصلنا عليها بعد هذه المسيرة المباركة، فرأينا: أن عدد المدرّسين قد ازداد من مدرس واحد إلى أن أصبح العدد عشرين مدرساً؛ وأن عدَد الدوراتِ المقدمة في الموقع ازداد من دورة واحدة إلى أن أصبح عددها خمسين دورةً؛ وأن عدَد الطلاب قد ازداد من 250 طالباً عند الافتتاح الى أن أصبح عددهم اليوم 50.000 خمسين ألف طالب! وأخيراً فقد ازداد عدد المتابعين والمتصفحين للموقع بعد أن كانوا محصورين في أربع دول فقط، إلى أن أصبح لدينا متابعين من أكثر من 120 دولةً.

لقد شجعتنا هذه النتائج الباهرة، وهذه الأعداد من الراغبين في العلم والمعرفة، إلى اتخاذ خطوات عمليةً لتقديم المزيد من الدورات والدروس عبر الموقع. إن الفترة السابقة كانت كافية للتعريف بحجم المهمة، وعظم المسؤولية، التي هي خدمة ميراث النبوة؛ إننا نطمح أن يكون موقعنا مصدراً ومنبعاً لتخريج العلماء العاملين، والدعاة الصالحين.

ومن هنا أتت فكرة إنشاء موقع (معهد نور الهدى العالمي للعلوم الشرعية)، للناطقين باللغة العربية، لغة القرآن، ولغة أهل الجنة. إنها خطوة كبيرة جداً في دعم وتمكين العديد من المسلمين وطلبة العلم أن يندمجوا معنا في هذه الخدمة الدينية، وأن يتعاونوا معنا في نشر الإرشاد والفكر الديني المستنير، وتوريث العلم النبوي الرباني، وتخريج علماء يكونون حملة لمشاعل الهداية والوراثة المحمدية، وراثة الرحمة، والجمال، والإحسان، والخير. إنه المنهج الذي يستطيع حاملوه، والغيورون عليه، أن يقدموا للبشرية جمعاء حلولاً لمشاكلها التي تعاني منها، في ظل الهجمات والحملات المسعورة على التدين والفضيلة والأخلاق، في هذه الأزمنة العصيبة  المضطربة.

وبعد هذه الجولة التعريفية، نختم كلمتنا الافتتاحية، بالتوجه إلى الباري جل وعلا، أن يعيننا على أداء هذه المهمة على الوجه الأكمل، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، مقربة إلى جنات النعيم، وأن يبارك في هذه المنشأة، ويجعلها منبر هداية ونور لأهل عصرنا، والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله وسلم على خير خلقه، سيدنا ونبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.