ما هي سبل التخلص من الرياء في الأعمال؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

 ما هي سبل التخلص من الرياء في الأعمال؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلا شك أن الرياء من المحرمات الكبائر وأن المرائي عند الله ممقوت وقد شهدت لذلك الآيات والأحاديث :

أَمَّا الْآيَاتُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿ فَوَيْلٌۭ لِّلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ ٱلَّذِینَ هُمۡ یُرَاۤءُونَ وَیَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ﴾. [الماعون: ٢-٧]

ومن الأحاديث :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ”قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ ، فَمَنْ عَمِلَ لِي عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي ، فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ“. [1]

علاج الرياء

و يكون علاج الرياء كما ذكر الغزالي في الإحياء عن طريقين لا ينفك أحدهما عن الآخر

فقال (وَفِي عِلَاجِهِ مَقَامَانِ أَحَدُهُمَا قَلْعُ عُرُوقِهِ وَأُصُولِهِ الَّتِي مِنْهَا انْشِعَابُهُ وَالثَّانِي دَفْعُ مَا يَخْطُرُ مِنْهُ فِي الْحَالِ). [2]

وبين أن أسباب الدافعة إلى الرياء ثلاثة أصول وهي لَذَّةِ الْمَحْمَدَةِ وَالْفِرَارُ مِنْ أَلَمِ الذَّمِّ وَالطَّمَعُ فيما في أيدي الناس [3] و يشهد لهذا حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْر، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ : «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» [4]

و لاشك أن العلاج و الدواء قد يكون مرا فيحتاج إلى صبر و مجاهدة لكن لابد لتمام الشفاء منه بعد معونة الله سبحانه و تعالى،فمما يعالج به الرياء :

استحضار مراقبة لله تعالى

 استحضار مراقبة الله تعالى للعبد وعلمه بنواياه وما تخفيه نفسه قال تعالى ﴿قُلْ إِن تُخْفُوا۟ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ۗ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌۭ﴾. [آل عمران :٢٩]

الاستعانة بالله تعالى

الاستعانة بالله تعالى على التخلص من الرياء و الإكثار من الدعاء فلا يستطيع العبد ترك هذه الآفة الخطيرة إلا بمعونة من الله وحده وقد علمنا رسول الله ذلك باللجوءُ إليه بالدعاء، والتعوذ من الرياء،  فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ؛ فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ». فقال بعضُ الصحابة: كَيْفَ نَتَّقِيهِ، وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ نَعْلَمُ». [5]

عاقبة الرياء

معرفة عاقبة الرياء في الدنيا والآخرة، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مَنْ تزيَّنَ بما ليس فيه؛ شانَه الله.

وقال الخطابي – رحمه الله: مَنْ عَمِلَ عملاً على غير إخلاصٍ، وإنما يُريد أنْ يراه الناسُ ويسمعوه؛ جُوزِيَ على ذلك بأنْ يُشهره الله ويَفضحه، ويُظهر ما كان يُبطنه. [6]

إخفاء العمل و إسراره

تحري إخفاء العمل و إسراره : وقد نصَّ القرآن على أفضلية الصدقة المُخفاة. ومن السَّبعة الذين يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلاَّ ظله: «رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». [7]

المجاهدة الدائمة للنفس

فإنَّ الله سبحانه وتعالى قد امتحن العبدَ بنفسه وهواه، وأوْجب عليه جهادَهما في الله، فهو دائم المجاهدةِ لنفسه حتى يأتيَ بالشُّكر المأمور به، ويصبرَ عن الهوى المنهيِّ عن طاعته، فلا ينفكُّ العبد عنهما غنيًّا كان أو فقيرًا، ليصل إلى رضا مولاه بتحقق الإحسان و الإخلاص

نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل وأن يجنبنا الرياء و الزلل و يعيذنا منه إنه على كل شيء قدير

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) أخرجه مسلم (2985) وابن خزيمة (938)
([2]) إحياء علوم الدين (3/ 293)
([3]) إحياء علوم الدين (1/ 378)
([4]) أخرجه البخاري (123) ومسلم (1904)
([5]) أخرجه أحمد (19915) وابن أبي شيبة (30163)
([6]) فتح الباري (11 /336).
([7]) أخرجه البخاري (660) ومسلم (1031)