ما هي الوسائل التي تعين على المواظبة على قيام الليل؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

ما هي الوسائل التي تعين على المواظبة على قيام الليل؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله و على آله وصحبه و من والاه، وبعد:

صلاة الليل هي أفضل الصلوات النوافل بعد الفرائض، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ». [صحيح مسلم : رقم (1163)]

والمواظبة عليها تتطلب عزيمة وصبرًا، وهناك عدة وسائل مادية و معنوية تساعد على ذلك:

 فمن الوسائل المعنوية

– العزم والنية الصادقة والإخلاص لله تعالى

– مجاهدة النفس التي قد تميل للكسل والنوم

– التذكير بفضل قيام الليل: كما في قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة 16]

– الدعاء والاستعانة بالله تعالى.

– تجنب الذنوب والمعاصي: فالذنوب تثقل القلب وتجعله يميل إلى الكسل والخمول و البعد عن الطاعات.

– التفكر في نعمة الليل وسكونه، و أنه يمثّل فرصةً عظيمة للمؤمن للخلوة مع ربه، مما يبعث في النفس الهمة إلى القيام والمناجاة و طلب الحاجات منه سبحانه

 من الوسائل المادية المعينة على قيام الليل

– التشجيع و التذكير بها : و هذا كان حال النبي صلى الله عليه و سلم مع أهل بيته وأصحابه،

فعن علي رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟». متفقٌ عَلَيْهِ. [صحيح البخاري : رقم (1127); صحيح مسلم : رقم (775)]

وعن سالم بن عبدِ الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهم – عن أبيِهِ: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ» قَالَ سالِم: فَكَانَ عَبدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنامُ مِنَ اللَّيلِ إِلَاّ قَلِيلًا. [صحيح البخاري : رقم (1122); صحيح مسلم : رقم (2479)]

– الإتيان بآداب و سنن النوم: كالوضوء و التسمية و الدعاء المأثور و التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فعن أَبي هريرة – رضي الله عنه: أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلَاّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». [صحيح البخاري : رقم (1142); صحيح مسلم : رقم (776)]

– التدرج في العبادة: من الأفضل أن يبدأ الشخص بقليل من قيام الليل حتى يعتاد عليه، ثم يزيد بالتدريج. يمكن مثلاً أن يبدأ بصلاة ركعتين فقط ويزيد عدد الركعات مع الوقت.

– النوم المبكر و العشاء الخفيف يساعد على الاستيقاظ في الثلث الأخير من الليل بنشاط وراحة.

– أخذ قيلولة في النهار:فهي تُعين على تقليل الشعور بالتعب والإرهاق وتساعد على الاستيقاظ لأداء صلاة الليل.

– صحبة الصالحين و الاقتداء بهم : فمجالسة أهل الطاعة والعبادة تشجع الشخص على الاقتداء بهم في قيام الليل.

– المواظبة والمحافظة عليه: كما في الحديث عن عبد الله بن عَمْرو بن العاص رَضِيَ الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم: «يَا عبدَ اللهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلان، كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ». [صحيح البخاري : رقم (1152)، و صحيح مسلم : رقم (1159]

فاتباع هذه الوسائل مع الصبر والاستمرار يعين بإذن الله على المواظبة على قيام الليل. و الله الموفق

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ