ما هي آداب المشي إلى المسجد؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع الياقتي
السؤال
ما هي آداب المشي إلى المسجد؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين و بعد :المساجد هي أحب بقاع الأرض إلى الله ؛ و المشي إليها من أعظم العبادات و القربات لما فيه من المبشرات و تكفير السيئات و علو الدرجات كما أخبرنا الحبيب صلى الله عليه و سلم ، و لذلك دلّنا على جملة من السنن و الآداب المهمة عند الذهاب إلى المسجد أو العودة منه ، فمن هذه السنن و الآداب : الوضوء في البيت ثم الخروج مع استحضار النية و الدعاء و الذكر أثناء الطريق ، و المشي بسكينة و وقار و عدم تشبيك الأصابع ، فإذا وصلت إلى باب المسجد فقدم الرجل اليمنى مع ذكر الدعاء المأثور -بعد الصلاة و السلام على النبي صلى الله عليه و سلم- و هو : (اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ) ، ثم إذا أردت الخروج فقدم الرجل اليسرى مع ذكر الدعاء المأثور -بعد الصلاة و السلام على النبي صلى الله عليه و سلم- و هو : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ) ، مع مخالفة الطريق الذي أتيت منه إن استطعت ، و الله أعلم
البيان و التفصيل :
(أحب البلاد إلى الله مساجدها) -كما روى مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلم – ؛ فهي أماكن إظهار و إشهار شعائر الدين في المجتمع المسلم ، و اجتماع المسلمين لأداء العبادات و الذكر و طلب العلم و غير ذلك ، يقول الله تعالى :
﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور 36-38]
و يقول تعالى : ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة 18]
«إذا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإيمَانِ، قال اللهُ – عز وجل: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} الآية».(1)
و لعِظَمِ أهمية المساجد في الإسلام؛ عَظُمَ أجرُ المشي و السعي إليها ، و فَضلُ المكثِ فيها و عمارتِها .
و قبل بيان آداب المشي إليها، نذكر بعض الأحاديث التي تبين لنا فضل المشي إلى المساجد:
فعن بُريدَة – رضي الله عنه – عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
«بَشِّرُوا المَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ».(2)
و عن أبي هريرة – رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
وعنه: أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ:
«مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خُطُواتُهُ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً».(4)
وعن أبي موسى – رضي الله عنه – قَالَ: قال رَسُول اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم:
«إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أجْرًا في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشىً، فَأَبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ أعظَمُ أجْرًا مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ». متفقٌ عَلَيْهِ (5)
وعن جابر – رضي الله عنه – قَالَ: (خَلَت البِقاعُ حولَ المَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ لَهُمْ:
و من الآداب المتعلقة بالمشي إلى المسجد :
و عن عبدِ اللهِ بنَ مَسعودٍ قال: (امشُوا إلَى الصَّلاةِ فقَد مَشَى إلَيها مَن هو خَيرٌ مِنكُم، أبو بكرٍ وعُمَرُ والمُهاجِرونَ والأنصارُ رَضِىَ الله عَنهُم أجمَعينَ، قارِبوا الخُطَى وأَكثِروا ذِكرَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، ولا عَلَيكَ ألَّا تَصحَبَ أحَدًا إلَّا مَن أعانَكَ على ذِكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ) (8)
و في رواية : (أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِه الكريمِ، وسلطانِه القديمِ، مِن الشيطان الرَّجيمِ)و عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ، يَقُولُ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُمْنَى، وَإِذَا خَرَجْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُسْرَى» (17)
بناء على ما سبق :
ينبغي عليك أخي المسلم أن تحرص على السعي و المشي إلى بيت الله تبارك و تعالى لأداء الصلاة مع الجماعة و حضور مجالس العلم و الذكر و قراءة القرآن، و غير ذلك مما فيه سعادتك و فلاحك في الدنيا و الآخرة ، و احرص على القيام بما استطعت من الآداب و السنن أثناء مشيك إلى المسجد ، مستشعراً الثواب العظيم و الفضل العميم الذي أعده الله تعالى لعباده الساعين إلى المساجد ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من أهلها و عمارها .. آمين
المصادر و المراجع :
2- أخرجه: أبو داود برقم (561)، والترمذي برقم (223).
3- صحيح البخاري : [1\168] ، رقم (662)، و صحيح مسلم : [2\132]، (669) .
5- صحيح البخاري : [1\166] ، رقم (651)، و صحيح مسلم : [2\130]، (662) .
6- النووي ، شرح صحيح مسلم [3\146]
7- صحيح مسلم : رقم (763).
8- السنن الكبرى للبيهقي رقم الحديث: (5946)
9- صحيح البخاري : رقم (908) و صحيح مسلم : [2\100] ،رقم (602)
10- صحيح البخاري : رقم (636).
11- صحيح البخاري : [2\96]في الأذان، باب قول الرجل: فاتتنا الصلاة، ومسلم رقم (603)
12- سنن الدارمي : رقم (1406)
13- السنن الكبرى للبيهقي : رقم (5947)
14- صحيح مسلم : رقم (713).
15- سنن أبي داود : رقم (465)
16- سنن ابن ماجه : رقم (773).
17- المستدرك للحاكم : رقم (791)
18- صحيح البخاري : [2\29] ، رقم (986)،