ما هو مفهوم ”الإعجاز الغيبي” في القرآن؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما هو مفهوم ”الإعجاز الغيبي“ في القرآن؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

إعجاز القرآن

 يعني أن الخلق عاجزون عن الإتيان بما تحداهم الله به؛ لإظهار أن هذا الكتاب حق، وأن الرسول الذي أُنزل عليه رسول صدق.

وذكر العلماء من وجوه إعجاز القرآن الكريم، الإعجاز بما فيه من أنباء الغيب، ويقصدون بذلك كل ما كان غائبًا عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولم يشهد حوادثَ الواقعة، ولم يحضر وقتها، وأخبر بها القرآن.

والإعجاز الغيبي يشمل: غيب الماضي، وغيب الحاضر، وغيب المستقبل.

أما غيب المستقبل

 فهو ما ذكره القرآن الكريم من حوادث ستقع ولم تكن قد وقعت عند نزول الآيات التي تحدثت عن وقوع الحادثة. ويمثَّل لذلك بما تحدث به القرآن عن مصير بعض المكذبين، وأنهم سيموتون على الكفر ويخلدون في النار، كما جاء في قوله تعالى: (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ * سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ). [المسد: 1- 5]

أما غيب الماضي

 فلقد سمى الله سبحانه وتعالى الإخبار عن الأمم السابقة غيبًا، كما قال بعد ذكر قصة مريم وكفالة نبي الله زكريا لها: (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) [آل عمران: 44] فالآية تشير إلى أنّ ذلك النوع من العلم ما كان عند محمد صلى الله عليه وسلم، وليست له به دراية، فهو غيب بالنسبة له لكن القرآن أخبر به.

أما غيب الحاضر

 يقصد به ما جرى في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حوادث لم يحضرها، ثم نزل القرآن يخبر بحقيقة ما جرى فيها، ومن ذلك: قوله تعالى: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 188].

وسبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فأَرَوْهُ أن قد استُحمِدُوا إليه بما أخبروا عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم. (1)

تنبيه

 يشتمل القرآن على إعجاز ومعجزات، وقد وقع الخلط بين هذين المصطلحين، فأُطلق على أنواع المعجزات المبثوثة في القرآن اسم الإعجاز، فقيل: ‌الإعجاز ‌العلمي، والإعجاز التاريخي، والإعجاز الغيبي، إلى غير ذلك؛ وفي الحقيقة هي معجزات زائدة على الإعجاز، فوصفُها بالإعجاز نوع من التجوّز في الكلام، فالإعجاز غير المعجزات.

ولعل الدافع لهذا الخلط، هو أنّ مَن سمّى المعجزات إعجازاً،  أراد أن يبرهن على أنه يستحيل أن يكون هذا القرآن بشري المصدر. (2)

  والله تعالى أعلم

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

(1): ينظر: صحيح البخاري (4292). وينظر: من روائع القرآن محمد سعيد رمضان البوطي ص148؛ مصطفى مسلم، مباحث في إعجاز القرآن ص259.
(2): ينظر: سعيد حوى، الأساس في السنة وفقهها – العبادات في الإسلام (4/ 1573)؛ مساعد الطيار، الإعجاز العلمي إلى أين، ص20.