ما هو التفسير بالمأثور وهل له كتب خاصة به؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
ما هو التفسير بالمأثور وهل له كتب خاصة به؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم,
التفسير بالمأثور:
هو تفسير القرآن بالقرآن نفسه، وتفسير القرآن بالسّنّة، وبالآثار عن الصّحابة والتّابعين.
والتفسير المأثور أول أنواع علوم القرآن تدوينًا، وكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول فيه.
ومن أمثلة تفسير القرآن بالقرآن: قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ…﴾ [المائدة: 3] فهذه الآية بيان للفظ (مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) من قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ [المائدة: 1]
ومن أمثلة تفسير القرآن بالمأثور عن النبي وأصحابه والتابعين ما جاء في تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199]
فنقل عَنْ السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها قولها: ” كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسمَّون الحُمْسَ، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام، أمر اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يأتي عرفات، ثم يقف بها، ثم يُفيض منها؛ فذلك قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)”. (1) . ثم قال: “وكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة، والسدّي، وغيرهم، واختاره ابن جرير وحكى عليه الإجماع، رحمهم الله”. (2)
وللتفسير بالمأثور كتب كثيرة من أبرزها على سبيل التمثيل لا الحصر:
1 – جامع البيان عن تأويل آي القرآن: للإمام أبي جعفر محمّد بن جرير الطّبريّ المتوفّى سنة (310 هـ)، ويعد من أفضل كتب التّفسير بالمأثور وأجمعها، مع التّحرير والنّقد، ويمتاز بإسناد جميع الرّوايات من الحديث والآثار، كما يراعي اختلاف القراءات واللّغة.
2- تفسير القرآن العظيم: للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدّمشقيّ، المتوفّى سنة (774 هـ).
ويعد من أكثر هذه كتب التفسير بالمأثور تحرّيا وتحقيقا مع الاختصار والتّهذيب، ويبيّن درجات الكثير من الأخبار من جهة الثّبوت.
3- الدّرّ المنثور في التّفسير بالمأثور: للإمام الحافظ جلال الدّين عبد الرّحمن بن أبي بكر السّيوطيّ، المتوفّى سنة (911 هـ). ولا يكاد يوجد في هذا التّفسير غير الأحاديث والآثار، مخرّجةً معزوّةً إلى الأصول الّتي استفيدت منها.
ملحوظة:
أصابَ التفسيرَ بالمأثور خلل كاد يُفقد الثقة به لولا جهود العلماء رضي الله عنهم، حتى قال الشافعي: «لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيهٌ بمائة حديث». وسبب هذا الخلل يرجع إلى: دخول الإسرائيليات فيه، وحذف الأسانيد التي تكشف عن مَكمن الخلل فيه، وكثرة الوضع في التفسير.(3)
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1): صحيح البخاري (4248).
(2): ينظر تفسير ابن كثير (1/555).
(3): ينظر: مناهل العرفان للزرقاني (2/12)؛ التفسير والمفسرون محمد السيد حسين الذهبي (1/115)؛ الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير محمد أبو شهبة ص85؛ علوم القرآن الكريم د. نور الدين عتر ص74؛ المقدمات الأساسية في علوم القرآن ص331.
[الشيخ] أنس الموسى
الشيخ أنس الموسى هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.