ما هو أثر طلب العلم في تقوية الإيمان وتقريب العبد من الله؟

يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

ما هو أثر طلب العلم في تقوية الإيمان وتقريب العبد من الله؟

الجواب

الحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد؛

فإن العلم شريف في نفسه، وطلبه لله عبادة، وورد في فضله وطلبه من الآيات والأحاديث الشيء الكثير. قال تعالى مفاضلا بين أهل العلم وسواهم (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) [الزمر: 9].

وإن لطلب العلم وتعلمه، والسعي فيه، فضائل كثيرة، من أهمها أنه يقوي خشية المؤمن ، ويقربه من ربه سبحانه وتعالى، كما قال المولى جل وعلا: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر: 28]، قرن سبحانه خشيته وخصصها بأهل العلم من عباده. قال العلامة الطيبي في (حاشيته على الكشاف): “وهو يقتضي انحصار خشية الله على العلماء دون غيرهم، وقولك: إنما يخشى العلماء من عباده الله، فرع قولك: ما يخشى العلماء من عباده إلا الله، فيلزم انحصار خشية الله دون غيره. قال الشيخ عبد القاهر رحمه الله: لما كان الغرض من الآية بيان الخاشين والإخبار بأنهم العلماء خاصة دون غيرهم قدم اسم (الله) على (العلماء)، ولو أخر منه لصار المعنى على ضد ما عليه وهو: أن الغرض بيان المخشيِّ، والإخبار بأنه تعالى دون غيره). [الطيبي، فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف): 12/ 648]

وفي بيان المقصود بوصف العلم، في قوله (العلماء)، قال السيد الألوسي: ”أي العلماء به تعالى وبشؤونه، فهم كلما ازدادوا علماً ازدادوا خشيةً، لما يظهر لهم من عظمته عزّ وجلّ وأنهم بالنسبة إليه تعالى شأنه لا شيء.“ [تفسير الألوسي، روح المعاني: 11/ 379]

كما ورد تفسير العلم المتحصل لدى العلماء ذوي الخشية، فعن ابن عباس: أنهم الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير. وعنه أيضاً قال: العالم بالرحمن من لم يشرك به شيئاً، وأحل حلاله، وحرم حرامه، وحفظ وصيته، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية.

وعن مالك قال: إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإما العلم نور يجعله الله في القلب. قال أحمد بن صالح المصري: معناه أن الخشية، لا تدرك بكثرة الرواية، وإنما العلم الذي فرض الله عز وجل أن يتبع، فإنما هو الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أئمة المسلمين، فهذا، لا يدرك إلا بالرواية، ويكون تأويل قوله: نور يريد به فهم العلم ومعرفة معانيه. [تفسير ابن كثير: 6/ 544]

فهذه طائفة لبعض ما ورد في تفسير الآية الكريمة، ومعنى العلم الذي يورث الخشية، جعلنا الله وإياكم من أهل الخشية لله، نستغفره ونتوب إليه، والله الموفق والهادي سواء السبيل.

الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (seekersguidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)