ما معنى (الغبن) الوارد في حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
ما معنى (الغبن) الوارد في حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
معنى الحديث
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ». [صحيح البخاري (6412)]
ومعنى الحديث: أن هناك نعمتان جليلتان امتن الله تعالى بهما على عباده، وهما الصحة والفراغ، ولكن كثيرًا من الناس لا يستفيدون منهما بالشكل الأمثل، مما يؤدي إلى خسارتهم.
تفسير الغبن
فالغبن في سياق الحديث يعني الخسارة أو النقص؛ أي أن الناس يخسرون في عدم استغلال هاتين النعمتين، حين يضيّعون أوقاتهم وصحتهم في أمور غير نافعة، بدلاً من استغلالهما في طاعة الله والعمل الصالح، فينبغي على العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ ما أمكن وأن يصرفهما في وجوه الخير.
الخسارة والغبن
فالخسارة والغَبن بسبب التقصير في شكر هاتين النعمتين، حاصل حين لا يقومون بواجبهما، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه، فهو مغبون، أي خاسر، لأنه سيأتي عليه يوم لن يستطيع تدارك تقصيره؛ مصداق قول الباري سبحانه: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99 – 100]، وقال الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: 10-11] وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ…”. [المعجم الصغير للطبراني (9406)]
خلاصة
وأخيراً: نِعَمُ الله على عباده كثيرة، وكثير من الناس لا يدري قيمة هذه النعم التي يرفُل بها، فعليه أن يتنبه لها، ويَقدُرها قَدرها، قَالَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى ]فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا». [سنن الترمذي (2346)
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.