ما دور الصيام في تزكية النفس؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

ما دور الصيام في تزكية النفس؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

للصوم فوائد كثير

فمما لا شك فيه أن للصوم حكماً وفوائد كثيرة قد يطلع العباد على بعضها. ويبقى الكثير منها خافياً عليهم.

ومن هذه الحكم والفوائد التي يمكن أن يستشفها المسلم ويلمحها في الصوم ما يلي:

-إن الصيام من شأنه أن يوقظ قلب المؤمن مراقبة الله عز وجل،

-إن شهر رمضان شهر قدسي من بين أشهر السنة ، يريد الله عز وجل من عباده أن يملؤوه بالطاعات والقربات، ويحققوا فيه أسمى معاني عبوديتهم لله سبحانه وتعال

-إن استمرار حالة الشبع في حياة المسلم من شأنه أن يغمر مشاعره بأسباب القسوة، وينمي في نفسه عوامل الطغيان، وكلاهما مما يتنافي مع شأن المسلم، فكان في شريعة الصيام ما يهذب نفس المسلم، ويرهف مشاعره.

-إن من أهم المبادئ التي ينهض عليها المجتمع الإسلامي تراحم المسلمين وتعاطفهم، وهيهات أن يرحم الغني الفقير رحمة صادقة من غير أن يتخلله شعور بآلام الفقر وشدته، ومرارة الجوع وضراوته. وشهر الصيام خير ما يكسب الغني شعور الفقير، ويجعله يعيش معه في آلامه وحرمانه، ومن ثم كان الصوم خير ما يثير في نفس الأغنياء دوافع العطف والرحمة والمواساة. [1]

الصوم ربع الإيمان

ويقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى :(فإن الصوم ربع الإيمان بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم ”الصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ“ [2] وبمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم ”الصَّبْرُ نِصْفُ الإيمان.“ [3] والصوم نصف الصبر فقد جاوز ثوابه قانون التقدير والحساب وناهيك في معرفة فضله قوله صلى الله عليه وسلم ”وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي فالصوم لي وأنا أجزي به.“ [4]

الصوم لمعنيين

وجدير بأن يكون كذلك لأن الصوم لمعنيين:

أحدهما أن الصوم كف وترك وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى والصوم لا يراه إلا الله عز وجل فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد

والثاني أنه قهر لعدو الله عز وجل فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :”إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع.“ [5]

فحري بالمسلم أن يلازم هذه العبادة العظيمة فرضها ونافلة لتزكو نفسه ويحصل الثواب والأجر

وفقنا الله لما يحبه و يرضاه و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

[1] الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (2/  76-75)
[2] أخرجه الترمذي (3519)  وأحمد (18576)
[3] أخرجه الحاكم (3687) والطبراني (8544)
[4] أخرجه البخاري (1894) ومسلم (1151)
[5] إحياء علوم الدين  (1/ 231-232)