ما المقصود بالصبر الجميل في قوله تعالى: “فَصَبْرٌ جَمِيلٌ”؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

ما المقصود بالصبر الجميل في قوله تعالى: “فَصَبْرٌ جَمِيلٌ”؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الصبر الجميل هو الصبر بلا شكوى ولا قلق ولا تذمُّر، وهو رضا تام بما يُنزله الله تعالى على عبده. لذلك عُرّف الصبر بأنه حبس القلب على حكم الرب. (1)

قال الله تعالى: ﴿‌فَصَبْرٌ ‌جَمِيلٌ﴾ [يوسف: 18]. وقد قال هذا الكلام سيدنا يعقوب عليه السلام عندما اتفق أولاده على رمي أخيهم يوسف عليه السلام في الجب، وزعموا أن الذئب أكله، وأحضروا قميصه ملطخًا بدم كذب. ومع ذلك، أبى الله تعالى إلا أن يُظهر كذبهم، إذ نسوا أن يخرّقوا القميص ليبدو متماشيًا مع دعواهم.

لم يصدق يعقوب عليه السلام كلامهم، بل أعرض عنهم وأدرك تلبيسهم، فقال:
﴿‌بَلْ ‌سَوَّلَتْ ‌لَكُمْ﴾، أي زينت أو سهّلت لكم أنفسكم أمرًا منكرًا. ثم قال:
﴿‌فَصَبْرٌ ‌جَمِيلٌ﴾، أي سأصبر صبرًا لا شكوى فيه ولا جزع، وأستعين بالله تعالى حتى يفرج هذا الكرب بلطفه ورحمته.

الصبر الجميل في سياق القرآن الكريم:

الصبر ذُكر في القرآن الكريم أكثر من تسعين مرة، وهو من سمات الأنبياء. الصبر الجميل يعكس يقينًا بوعد الله ورضًا بقضائه. وهو لا يتنافى مع الشكوى إلى الله، كما فعل سيدنا أيوب عليه السلام عندما قال:
﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي ‌مَسَّنِيَ ‌الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83].

وكذلك سيدنا يعقوب (عليه السلام) قال:
﴿إِنَّمَا ‌أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 86].

الفرق بين الشكوى إلى الله والشكوى من الله:

الشكوى إلى الله تعني بث الحزن والضيق لله وحده، طلبًا للفرج والرحمة، وهي دليل إيمان وصبر جميل. أما الشكوى من الله فهي اعتراض على قضائه، وهو أمر مرفوض في أخلاق المؤمنين.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
المصادر:
(1): معراج التشوف لابن عجيبة، ص28.
(2): وهبة الزحيلي، التفسير المنير، (12/223).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.