ما أثر التحقق بقوله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96] في تحفيز الزهد؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
ما أثر التحقق بقوله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96] في تحفيز الزهد؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال الله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96]. أي أن ما عند الناس من متاع الدنيا وأعراضها زائل وفانٍ، بينما ما عند الله من خزائن رحمته ونعيم جنته باقٍ ودائم لا يزول.
كم من ملوك وأثرياء جمعوا المال بشتى الطرق، ثم غادروا الدنيا تاركين كل ما جمعوه وراءهم؟ كما قال الله تعالى:
﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ﴾ [الدخان: 25-28].
لو خُير الإنسان بين الدنيا بحذافيرها والآخرة، لكان ما عند الله خيرًا وأبقى، كما قال تعالى:
﴿ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص: 80].
الزهد الحقيقي:
ليس الزهد في الدنيا ترك العمل أو العيش في كسل، بل أن يعيش الإنسان في الدنيا ويعمل فيها، مع بقاء قلبه متعلقًا بالله تعالى وحده، ينظر إلى الدنيا كمزرعة للآخرة. الزهد يعني خلو القلب من التعلق بغير الرب سبحانه وتعالى. (1)
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
“أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل”.
وكان ابن عمر يقول: “إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك”. (2)
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
المصادر:
(1): أحمد بن عجيبة، معراج التشوف، ص30.
(2): صحيح البخاري (6416).
وينظر: وهبة الزحيلي، التفسير المنير، (14/223).
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.