كيف يمكن للمسلم التغلب على وساوس الشيطان والبعد عن المعاصي؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

كيف يمكن للمسلم التغلب على وساوس الشيطان والبعد عن المعاصي؟

الجواب

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

فبادئ ذي بدء يجب على المسلم أن يعلم أن الشيطان هو العدوّ اللدُود للإنسان، فلا بد للمسلم أن يتذكّر هذه العداوة، وأن يجعلها نصب عينه لأن هذا العدو يحاول إضلاله وإبعاده عن سبيل الله، (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـاكِرِينَ) [الأعراف: 16].

لكن بيّن الله -سبحانه- ضعف كَيد الشّيطان وانتفاء السّلطان والقوّة عنه في التّسلّط على بني آدم؛ فقال: ﴿إِنَّ كَیۡدَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ كَانَ ضَعِیفًا﴾ [النساء :٧٦] فغايةُ ما يقدر عليه من الأمور أن يُوسوس للإنسان في حياته، ويأمره بالمنكر وينهاه عن المعروف، ويسوّل له الباطل ويزيّنه له، ويأمره بتغيير خلق الله تعالى، ويعده ويمنّيه الأماني الزّائفة التي لا حقيقة لها كما قال تعالى عنه : ﴿لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا  ۝١١٨ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ۝١١٩﴾ [النساء 118-119]

 ومما يعين المسلم بالتغلب على وساوس الشيطان ما يأتي:

– الإعراض عن الوسوسة: فالمسلم يُدرك أنّ الشّيطان لا يأمر بالخير والطّاعة، وإنّما يأمر بالشّرّ والمعصية، فيُعرِض عن هذه الوساوس بالتوكل على الله والتذكر، وهذا شأن المتقين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف ٢٠١] الاستعاذة بالله من الشيطان : قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 200].

– التحصن بالأذكار المأثورة:  كقراءة آية الكرسي والمعوذات و قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة و قراءة سورة البقرة.

– المداومة على أذكار الصباح والمساء. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». [البخاري (3293); ومسلم (2691)]

– المحافظة على ذكر الله عند دخول المنزل، وعند الطعام والشراب، وعند كل أمر ذي بال؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ : لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ : أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ». [مسلم (2018); وابن حبان (819) ]

– البعد عن مجالس السوء ورفقاء السوء الذين يزينون الأعمال السيئة ويعينون على فعل المنكرات،

– صدق الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى وقد ورد هذا بصور مختلفة منها :

– الاستعاذة بالله من همزات الشياطين وأن يحضرون : ﴿ وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَ ٰ⁠تِ ٱلشَّیَـٰطِینِ ۝٩٧ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن یَحۡضُرُونِ ۝٩٨﴾ [المؤمنون 97-98]

– سؤال الله العصمة منه ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ وَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ وَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». [ابن خزيمة (452); وابن حبان (2047)]

– سؤال الله أن يخسئ الشيطان ،  عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ الْأَنْمَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ : «بِاسْمِ اللهِ وَضَعْتُ جَنْبِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، وَاخْسَأْ شَيْطَانِي ، وَفُكَّ رِهَانِي ، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى ». [ الحاكم (1989); وأبو داود (5054)]

نسأل الله أن يحفظنا من الشيطان و كيده و يبعد عنا وساوسه و شره و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.