كيف يمكن للمسلم التحلي بالصبر عند المصائب؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

كيف يمكن للمسلم التحلي بالصبر عند المصائب؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين

فالصبـر: نقيض الجزع، وهو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره. [1]

وقد وضح الإمام الغزالي منزلة الصبر فقال :

(‌اعْلَمْ ‌أَنَّ ‌الَّذِي ‌أَنْزَلَ ‌الدَّاءَ ‌أَنْزَلَ ‌الدَّوَاءَ وَوَعَدَ الشِّفَاءَ فَالصَّبْرُ وَإِنْ كَانَ شَاقًّا أَوْ مُمْتَنِعًا فتحصيله ممكن بمعجون العلم والعمل فالعلم والعمل هما الأخلاط التي منها تركب الأدوية لأمراض القلوب كلها ولكن يحتاج كل مرض إلى علم آخر وعمل آخر وكما أن أقسام الصبر مختلفة فأقسام العلل المانعة منه مختلفة وإذا اختلفت العلل اختلف العلاج إذ معنى العلاج مضادة العلة وقمعها واستيفاء ذلك مما يطول ولكنا نعرف الطريق في بعض الأمثلة). [2]

الوسائل المعينة على الصبر على البلاء

ومن الوسائل المعينة على الصبر على البلاء:

– أن يعلم أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسمها، وأن العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيده ومولاه.

– أن يعلم أن هذه المصيبة هي دواء نافع ساقه إليه الطبيب العليم بمصلحته الرحيم به؛ فليصبر على تجرعه ولا يتقيأه بتسخطه وشكواه فيذهب نفعه باطلا.

– أن يعلم أن في هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما لم تحصل بدونه، قال تعالى: ﴿وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة :٢١٦]

– أن يعلم أن ما أصابه مقدر من الله قال تعالى :﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ وَلَا فِىٓ أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍۢ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌۭ﴾ [الحديد :٢٢]

– أن يوقن بالثواب الذي أعده الله للصابرين قال تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍۢ﴾ [الزمر :١٠]

– أن يتجنب الجزع فهو لا ينفعه، بل يزيد من مصابه

– أن يتسلى المصاب بمن هم أشد منه مصيبة

– أن يتسلى المصاب بأنه لله، وأن مصيره إليه

– أن يعلم أن ابتلاء الله له هو امتحان لصبره

– أن يعلم أن مرارة الدنيا هي حلاوة الآخرة

– التفكر في ثواب المصيبة التي نزلت واليقين بحسن الجزاء

– أن يذكر المصاب نعم الله عز وجل عليه. لما قطعت رجل عروة بن الزبير ومات أحد أبنائه قال: (اللَّهمَّ كان لي بنون سَبعةٌ، فأخَذتَ واحِدًا وأبقَيتَ لي سِتَّةً، وكان لي أطرافٌ أربَعةٌ، فأخَذتَ واحِدًا وأبقَيتَ ثَلاثةً، ولئِن ابتَلَيتَ لقد عافَيتَ، ولئِن أخَذتَ لقد أبقَيتَ)  .

– الاستعانة بالله تعالى و الالتجاء إليه  وكثرة دعائه: قال الله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [سورة يوسف: 83]

نسأل الله الحفظ و السلامة و أن يكرمنا بالصبر لننال الجزاء في دار الكرامة والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) رسالة ابن القيم إلى احد إخوانه (1/18)
([2])  إحياء علوم الدين (4/ 75)