كيف يمكن التخلص من الغضب؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

كيف يمكن التخلص من الغضب؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسل وبعد:

إليك أخي السائل بعض الطرق التي تسيطر بها على غضبك:

 التعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 عَنْ ‌سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: ”كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً ‌لَوْ ‌قَالَهَا ‌ذَهَبَ ‌عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ…“. (1) وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿‌وَإِمَّا ‌يَنْزَغَنَّكَ ‌مِنَ ‌الشَّيْطَانِ ‌نَزْغٌ ‌فَاسْتَعِذْ ‌بِاللَّهِ ‌إِنَّهُ ‌سَمِيعٌ ‌عَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 200].

 التجاوز والحلم عند حصول الغضب

 بشرط ألاَّ يُخل هذا بالمروءة، بأن يترك واجباً، كالغَيرة على العِرض والشّرف.

 ظم الغيظ

قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”مَنْ ‌كَظَمَ ‌غَيْظًا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ الْحُورِ شَاءَ“. (2)

 فكِّر قبل أن تتحدث وتَردّ على من أغضبك

بأن تنتظر لحظات قليلة لتجميع أفكارك قبل البوح بأي شيء.

أعط نفسك فترة من الاستراحة من ضغط العمل، أو أي شيء تمارسه فهذا يضبط رِدّات أفعالك، ويُتيحُ لكَ حُسن التعامل مع من يثير أعصابك.

 التسامح والعفو

– فمن مكارم الأخلاق أن ‌تعفو ‌عمَّن ‌ظلمك، وتعطي مَن حَرمك، وتَصِل مَن قَطعك؛ مصداق قول الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199] 

الصمت

قال صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ“. (3)، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَمَتَ نَجَا». (4)  ومن كلام لُقْمَانَ: «‌الصَّمْتُ حِكْمَةٌ، وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ». (5)

وأخيراً

أقول للأخ السائل الأَوْلَى أن يكون سؤالك: كيف أتحكَّم بغضبي، أو كيف أتعلم فنُّ إدارة الغضب؛ فالغضب لا ينفك عنه إنسان؛ لأن الإنسان مجموعة من الأحاسيس والمشاعر، ولا بد أن يتأثر بما يدور حوله، ويكون له ردُّ فعل عليه؛ فالغضب عاطفة صحِّية للتعبير عن الشعور؛ لذلك قال الشافعي رضي الله عنه: ‌من ‌استُغضِبَ ‌ولم ‌يَغضب فهو حمار، ومن استُرضي ولم يرض فهو جبَّار. والميْت هو الذي لا يوجد لديه ردود أفعال، كما قال الشاعر:

جَرَحُوه فَمَا تألَّّم جُرْحاً … ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ

وقد ورد في السنة وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه كان يغضب،‌ ولكن لم يكن ‌يغضب ‌لنفسه ولا ينتصر لها، وإنما يغضب حين تُنتهك حرمات الله تعالى. (6) والله تعالى لم يمدح مَن لم يَغضب، وإنما مدح من كظم غيظه، فقال: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134].

   والله تعالى أعلم

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.

           (1): صحيح البخاري (3282).
(2): مسند أحمد (15637).
(3):  صحيح مسلم (74).
(4): مسند الدارمي (2740).
(5): الزهد لأحمد بن حنبل (545).
(6):  ينظر: معجم الطبراني الكبير (414)؛ الترغيب والترهيب للمنذري (1/384).