كيف يمكننا العمل على تجنيب المجتمعات المسلمة أضرار وآثار الغيبة والنميمة؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

كيف يمكننا العمل على تجنيب المجتمعات المسلمة أضرار وآثار الغيبة والنميمة؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

يكون ذلك من خلال جملة من الحلول و الأساليب و من أهمها:

التعريف و التوعية المكثفة بخطر الغيبة و النميمة و آثارها الدينية في الدنيا و الأخرة

و ذلك من خلال ما يلي:

– استحضار الجزاء و العقوبة العظيمة -المعجّلة و المؤجلة- المترتبة على الغيبة و النميمة

فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». [ صحيح البخاري: حديث رقم (218); صحيح مسلم: حديث رقم (292)]

وعن أبي هُريرةَ – رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟» قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فَقَالَ: «إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بِصَلَاةٍ وصِيامٍ وَزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أَنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ». [صحيح مسلم: حديث رقم (2581)]

التعريف و التوعية المكثفة بخطر الغيبة و النميمة و آثارها المدمرة للعلاقات الاجتماعية

 و ذلك من خلال ما يلي:

– استحضار ذلك المثال وتلك الصورة المفزعة و المنفرة التي ذكرها الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ  ﴾ [الحجرات :12]

– و استحضار المصائب والآثار السلبية الواقعية، و النتائج المدمرة للعلاقات الأسرية و المجتمعية، من خلال القصص و الأحداث المشاهدة في المجتمع ، فالعاقل من اتعظ بغيره

من خلال الدعوة إلى تجنب مواطن التهمة والأمور التي قد يُساء فهمها والتي تكون سبباً في سوء الظن

–  فعنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها، قالتْ: كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – أسْرَعَا. فقال – صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالَا: سُبْحانَ اللهِ يَا رسولَ اللهِ، فقالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا – أَوْ قَالَ: شَيْئًا». [صحيح البخاري: حديث رقم (2035)، و صحيح مسلم: حديث رقم (24)]

المسارعة إلى حل الخلافات و المشكلات و توضيح المواقف و التثبت من الأخبار و النقولات، و إصلاح الأمور  بالاعتذار أو بالعفو و غير ذلك

– يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾. [الحجرات :6]

و على هذا فعلى المسلم أن يلتزم المنهج القرآن و السنة الشريفة في كل شؤونه و أحواله و خاصة فيما يتعلق بحقوق العباد؛ و بذلك يتجنب تلك الآثار الخطيرة في دينه و دنياه و في علاقاته المجتمعية كما بيناه أعلاه و الله أعلم

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ