كيف يفهم المسلم قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ” في سياق التوبة؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

كيف يفهم المسلم قوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ” في سياق التوبة؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222].

كما ترى أخي السائل، فإن هذه الآية وردت في سياق بيان حكم إتيان النساء في فترة الحيض، حيث بيّن الله تعالى أنه لا يجوز الاقتراب منهن خلال هذه الفترة، وأن من وقع في ذلك عليه أن يتوب. والله تعالى يحب التوابين الذين يعودون عن الذنوب، ويحب المتطهرين الذين يطهرون أنفسهم من الأذى.

ومع ذلك، فإن حب الله للتوابين لا يقتصر على هذا السياق، بل هو عام وشامل لكل تائب مهما كانت معصيته أو تقصيره. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

التوبة في الإسلام هي رجوع العبد عن حالة المعصية والعودة إلى الله سبحانه وتعالى. وقد أمر الله بالتوبة، بل وأخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) عن فرح الله بها، حيث قال: “وَاللهِ ‌لَلَّهُ ‌أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ…” [صحيح مسلم].

وأخيرًا، باب التوبة مفتوح لكل مذنب، وما على المذنبين إلا الرجوع إلى الله تعالى بصدق وإخلاص، وسيجدون ربهم توابًا رحيمًا، كما قال سبحانه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ‌لَا ‌تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المصدر:
(1): صحيح مسلم (2675).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول