كيف يستطيع المسلم أن يداوم على حضور قلبه في العبادات اليومية؟

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

 كيف يستطيع المسلم أن يداوم على حضور قلبه في العبادات اليومية؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، و بعد :

لا بد للمسلم دائماً أن يستحضر حالة العبودية لله عز وجل في كل حالاته وأوقاته، و أنه ما خُلق إلا لأجل ذلك كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾. [الذاريات :٥٦-٥٧]

استحضار النية الصالحة

فهذا الشعور مع استحضار النية الصالحة في كل عمل و خاصة عند العبادات؛ يجعل المسلم دائم الحضور في العبادة ، هذا بالإضافة للأمور المهمة الآتية:

– استشعار حالة الإحسان أثناء العبادة كما أخبر صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عندما سأله عن الإحسان فقَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ».(1)

– من خلال التفكر في العبادات أثناء أدائها؛ فيتفكر -مثلاً بالنسبة للصلاة- بمعاني الركوع و السجود، وما يقرأ من القرآن، وخاصة سورة الفاتحة؛ فيستحضر هذا الحديث القدسي العظيم عند قراءتها، فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي شَطْرَيْنِ: فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم: «اقْرَأُوا، يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فَيَقُولُ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ -: حَمِدَني عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَيَقُولُ: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} فيَقُولُ أَثْنَى عَليَّ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فَيَقُولُ اللَّهُ: مَجَّدَني عَبْدِي، فَهَذَا لِي، – وَهَذِهِ الآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يَعْني – فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَآخِرُ السُّورَةِ لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلَا الضَّآلِّينَ} فَهَذَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ». رواه مسلم وغيره (2)

– ويكون الحضور -أيضاً- من خلال حرصه و مجاهدة نفسه على الإتيان بآداب العبادات و سننها قدر المستطاع ؛ وبهذا ينشغل بها عن غيرها من الأمور الدنيوية

– وكذلك يكون من خلال إعطاء هذه العبادات الأهمية و الأولوية المطلقة في حياته؛ فينظم كل الأعمال والأوقات الأخرى بموجبها، و يربطها بها، و هكذا..

فزيادة الاهتمام تورث حسن الحضور و الخشوع في هذه العبادة. و الله أعلم

و على هذا ، فلا بد لنا من مجاهدة أنفسنا على الحضور في العبادة، وقطع استرسال الأفكار، مع الاستعاذة والاستعانة بربنا من وساوس الشيطان و ملهياته عن الحضور و الخشوع في العبادة، مع اتباع الخطوات التي ذكرناها أعلاه. و الحمد لله رب العالمين

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات. 

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ

الهوامش:

1- صحيح مسلم:  حديث رقم (8)
2- صحيح مسلم:  حديث رقم (395)