كيف يذكر الله تعالى عباده، كما ورد في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

كيف يذكر الله تعالى عباده، كما ورد في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال الله تعالى:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152].
هذه الآية الكريمة تبين فضل ذكر الله تعالى وعلو مكانته، حيث يعد الله عباده بأنه إن ذكروه، ذكرهم، لكن كيف يكون ذلك؟


أنواع ذكر الله لعباده
يكون ذكر الله لعباده بأشكال متعددة، منها:

  1. الرحمة والمغفرة والتوفيق: فمن ذكر الله بالإيمان والعمل الصالح، ذكره الله بتوفيقه ورحمته وهدايته.
  2. إجابة الدعاء وقبول الطاعات: فمن ذكر الله بالدعاء والرجاء، ذكره الله بالإجابة والعطاء.
  3. الثناء في الملأ الأعلى: قال النبي ﷺ:

    “يقول الله تعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ…” [صحيح البخاري (7405)].

  4. تحقيق القرب من الله: فمن ذكر الله بالحب والشوق، ذكره الله بالقرب والوصال.
  5. الرضا والمغفرة يوم القيامة: فمن ذكر الله بالتوبة والاستغفار، ذكره الله بالغفران والتكريم يوم الحساب.


أنواع الذكر وأهميته:

الذكر في الإسلام له صور عديدة، منها:

  • التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير: كما في قول: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر”.
  • الصلاة على النبي ﷺ: فهي من أعظم أنواع الذكر.
  • تلاوة القرآن وتدبره: قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [ق: 45].
  • الاستغفار والتوبة: قال ﷺ: “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب” [سنن أبي داود (1518)].

أهمية الذكر في حياة المسلم

  1. يجلب الطمأنينة: قال تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].
  2. يحفظ العبد من الشرور: قال النبي ﷺ: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت” [صحيح البخاري (6407)].
  3. أفضل الأعمال وأزكاها عند الله: قال ﷺ: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق…؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى” [سنن الترمذي (3377)].
  4. سبب لحفظ اللسان وطهارته: فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ وقال: “يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأنبئني منها بأمر أتشبث به، فقال: لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله” [ابن أبي شيبة، المصنف (29453)].

الخاتمة

ذكر الله تعالى من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله، وهو مفتاح للخير والبركة، وسبب لنيل رضا الله والنجاة من الفتن. فليحرص المسلم على الذكر في جميع أحواله، ليكون في معية الله، ويكتب من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


المصادر:

  1. صحيح البخاري (7405).
  2. سنن الترمذي (3377).
  3. ابن أبي شيبة، المصنف (29453).
  4. ابن عجيبة، البحر المديد (1/184).
  5. وهبة الزحيلي، التفسير المنير (2/35)

    الشيخ أنس الموسى

    هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م 

    تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي. 

    قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

    حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

    درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

    إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

    مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

    حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

    أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبو