كيف يتخلص المسلم من اليأس في أوقات الشدة؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

 كيف يتخلص المسلم من اليأس في أوقات الشدة؟

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن اليأس من رحمة الله تعالى من الكبائر، وقد نهى الله عز وجل عنه في القرآن العظيم، قال تعالى: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف ٨٧]

وقال ابن مسعود: الهلاك في اثنتين، القنوط والعجب: أي لأن القانط آيس من نفع الأعمال ومن لازم ذلك تركها (1)

بل الإنسان المؤمن كلما زاد همه وحزنه زاد التجاؤه إلى الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير،

وعلاج اليأس والقنوط إنما يكون بالصبر والصلاة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:١٥٣]

ويكون بتقوى الله عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا  [الطلاق:2-3]

وَقَالَ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:٢٩]

ويكون بحسن الظن بالله تعالى، قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. [التوبة:٥١]

وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» (2)

ويكون بكثرة الاستغفار، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجَاً، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجَاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ» (3)

و بكثرة الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، قَالَ : الرُّبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ ، قَالَ : النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ ، قَالَ : الثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ ، قَالَ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ . «إِذَاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» (4)

وليكثر من دعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [الأنبياء ٨٧]

اللهم اجعلنا من المتفائلين، ولا تجعلنا من اليائسين القانطين. و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965 

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها 

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من الجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان. 

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق، 

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول 

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.

([1]) الزواجر عن اقتراف الكبائر» (1/ 121):
([2]) أخرجه البخاري (5641) ومسلم (2573)
([3]) أخرجه الحاكم (7772) والنسائي (10217) وأبو داود (1518)
([4]) أخرجه الحاكم (3599) والترمذي (2457) وأحمد (21632)