كيف ننظر الى الخلافات الفقهية في العبادات، وبماذا نعمل؟

يجيب عن السؤال الشيخ محمد فايز عوض

السؤال

كيف ننظر الى الخلافات الفقهية في العبادات، وبماذا نعمل؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

حكمة الله تعالى

فقد اقتضت حكمة الله تعالى في شرعه الشريف، أن يكون كثير من نصوص القرآن والسنة محتملة لأكثر من معنى، وفي ذلك يقول الزركشي: (‌اعْلَمْ ‌أَنَّ ‌اللَّهَ ‌تَعَالَى ‌لَمْ ‌يُنَصِّبْ ‌عَلَى ‌جَمِيعِ ‌الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَدِلَّةً قَاطِعَةً، بَلْ جَعَلَهَا ظَنِّيَّةً قَصْدًا لِلتَّوْسِيعِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ، لِئَلَّا يَنْحَصِرُوا فِي مَذْهَبٍ وَاحِدٍ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ). [البحر المحيط في أصول الفقه (8/ 119)]

تفاوت الخلق في العقول

كما اقتضت حكمة الله تعالى تفاوت الخلق في العقول، مما أدّى إلى التفاوت في الأفهام، فوقع الاختلاف في الأحكام الشرعيّة، على مرّ العصور والدّهور.

أسباب اختلاف الفقهاء

وأسباب اختلاف الفقهاء تعود في مجملها إلى ثلاثة أسباب :

– أسباب تعود إلى رواية السنن حسب مباحث علم مصطلح الحديث

– أسباب تعود إلى فهم النص حسب القواعد الأصولية

– أسباب تعود إلى اللغة العربية و دلالات ألفاظها

وقد وقع الخلاف الفقهي بين  الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في مسائل كثيرة،و أقر النبي كل مجتهد على اجتهاده ، وجعل لكل مجتهد نصيبًا من الأجر، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا حَكَمَ الحاكِمُ فَاجتَهَدَ ثُمَّ أَصابَ فَلَهُ أَجرانِ، وَإِذا حَكَمَ فَاجتَهَدَ ثُمَّ أَخطَأَ فَلَهُ أَجرٌ». [البخاري (7352); مسلم (1716)]

وتفصيل هذه الأسباب و أمثلتها و بيانها يحتاج إلى دراسة مطولة لا يتسع المقام لها

وواجب المسلم تجاه هذه المسائل هو التعلم والأخذ بمذهب معتمد موثق عن طريق الدراسة و القراءة على العلماء الفقهاء قال تعالى ﴿ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣]

قال النووي في روضة الطالبين: (فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْتَارَ مَذْهَبًا يُقَلِّدُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، ‌وَلَيْسَ ‌لَهُ ‌التَّمَذْهُبُ ‌بِمُجَرَّدِ ‌التَّشَهِّي، وَلَا بِمَا وَجَدَ عَلَيْهِ أَبَاهُ، هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ. وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ، بَلْ يَسْتَفْتِي مَنْ شَاءَ، أَوْ مَنِ اتَّفَقَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَلَقُّطٍ لِلرُّخَصِ) [النووي, روضة الطالبين وعمدة المفتين  (11/ 117)]

نسأل الله علما نافعا انلقى المولى سبحانه و هو راض عنا و الحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد فايز عوض

هو الشيخ الدكتور محمد فايز عوض  من مواليد دمشق – سوريا 1965

درس العلوم الشرعية في مساجد دمشق و معاهدها

خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1985

حائز على شهادة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية من لجامعة الإسلامية بهاولبور  في باكستان.

له الخبرة الواسعة في وضع المناهج وتطوير التدريس للعديد من الدورات العلمية وإقامة دورات مكثفة.

درّس الفقه وأصوله وعلوم القرآن وتاريخ التشريع والفرائض وغيرها في عدة معاهد وجامعات مثل: معهد الفرقان للعلوم الشرعية، ومجمع الفتح الإسلامي في دمشق،

مدرس في  جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية في اسطنول للعديد من المواد العربية و الشرعية

مدرس في عدد من المعاهد الشرعية في اسطنبول

عضو رابطة علماء الشام، عضو مؤسسة زيد بن ثابت الأهلية، عضو رابطة العلماء السوريين، عضو المجلس العلمي لمركز الإيمان لتعليم السنة والقرآن..

من مشايخه الذين قرأ عليهم:

 والده الشيخ محمد محيي الدين عوض، والشيح محي الدين الكردي، والشيخ محمد كريّم راجح، والشيخ أسامة الرفاعي، والشيخ أيمن سويد، و الشيخ أحمد القلاش ، و الشيخ محمد عوامة ، والشيخ ممدوح جنيد.