كيف نغرس في الأطفال التفريق بين الحلال والحرام؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي
السؤال
كيف نغرس في الأطفال التفريق بين الحلال والحرام؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:
يكون ذلك من خلال عدة طرق، من أهمها:
أولاً- التنشئة و التدريب العملي المباشر للأطفال منذ الصغر
فيُدَرَّبُ الأطفال منذ نعومة أظفارهم على فعل الحلال و اجتناب الحرام، و إلَّم يُصرّح لهم في مرحلة ما قبل التمييز بالحكم الشرعي، وقد يُصرح لهم به بعد التمييز للتدريب والتعليم وعلى حسب العمر.
– فعن أَبي هريرة – رضي الله عنه – قَالَ: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْر الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم: «كَخْ كَخْ إرْمِ بِهَا، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأكُلُ الصَّدَقَةَ!؟». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وفي رواية: «أنَّا لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ».(1)
يقول النووي في رياض الصالحين معلقاً :”وقوله: «كَخْ كَخْ» هي كلمة زجر للصبي عن المستقذراتِ، وكان الحسن رضي الله عنه صبِيًّا.“(2)
– فإذا ما قارب الأطفال البلوغ وجب تعليمهم الأحكام، و التشديد عليهم في فعل الحلال وترك الحرام و التفريق فيما بينهما؛ استعداداً لمرحلة البلوغ و التكليف،
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم:6]
قال العلماء في تفسير هذه الآية: ” أي: أن تأمرَهم بطاعةِ اللَّهِ تعالى ذكرُه، وتَنهاهم عن معصيتِه، وأن تقومَ عليهم بأمرِ اللَّهِ، تأمرُهم به، وتساعدُهم عليه، فإذا رأيتَ للَّهِ معصيةً قرَعْتَهم عنها، وزجَرْتَهم عنها” (3)
ويقول ابن عبد البر مستدلاً بهذه الآية: ( فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُعْلِمَ أَهْلَهُ مَا بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَأْمُرَهُمْ بِهِ وَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ وَيُوقِفَهُمْ عَلَيْهِ وَيَمْنَعَهُمْ مِنْهُ وَيُعْلِمَهُمْ ذَلِكَ كله). (4)
ثانياً – التربية بالقدوة الحسنة
فالتقليد والمحاكاة هما من أهم الوسائل التربوية العملية، في تعليم الأطفال على التفريق بين الحلال و الحرام .
فينبغي علينا أن نغرس في أولادنا مبدأ تحري الحلال لفعله و تحري الحرام لاجتنابه، عن طريق تلك الخطوات، مع مراعاة مراحلهم العمرية، و الأسلوب البسيط واللطيف الذي يفهمه الأطفال و يتقبلونه. والله أعلم
الشيخ عبد السميع ياقتي
الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م
نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.
عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي
و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية
للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ
الهوامش:
1- صحيح البخاري: رقم (1491)، و صحيح مسلم: (1069)
2- رياض الصالحين للنووي: صفحة 115
3- تفسير الطبري، [23\104]
4- التمهيد لابن عبد البر ، [17\283]