كيف نشجع الأطفال على المشاركة في العمل الخيري؟
يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي
السؤال
كيف نشجع الأطفال على المشاركة في العمل الخيري؟
الجواب
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج 77]
وجهنا الله تعالى من خلال هذه الآية الكريمة إلى فعل الخير وجعله مُقارناً للإيمان و العبادة و الصلاة ,,، فهو معهم سبيل الفلاح، و لذلك لا بد من تربية أبنائنا عليه منذ الصغر.
وهناك طرق كثيرة في تشجيع الأطفال على العمل الخيري ومنها:
أولاً- التنشئة و التدريب العملي المباشر للأطفال منذ الصغر: فيُدَرَّبُ الطفلُ منذ نعومة أظفاره على العمل و المساعدة و التعاون مع إخوانه أو أصدقائه في المدرسة أو جيرانه و أقربائه ، كأن يُعلم على الصدقة و التبرع بشيء من مصروفه و المساعدة في تنظيف بعض المرافق العامة القريبة من بيته كالحديقة و الألعاب و إماطة الأذى عن الطريق و هكذا..
و هنا يكمن دور الأهل في توجيه الطفل إلى هذا التصرف و تذكيره به دائماً، حتى يصبح عادةً لديه ويكبر عليها؛ فمن شبَّ على شيء شاب عليه.
يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة 2]
ثانياً – التربية بالقدوة الحسنة : وهذه هي الطريقة الفعالة غير المباشرة، فالتقليد و المحاكاة هما من أهم الوسائل التربوية العملية، في اكتساب الأطفال الأخلاق و المهارات، وسائر أنواع التصرفات، فعندما يرى الولد أبيه يتحلى بخلق معين؛ سيؤثر ذلك فيه أكثر من ألف كلمة، و سيبادر -تلقائياً- إلى تقمص شخصية والده وتصرفاته، و الأمر واضحٌ في ذلك
ثالثاً . حكاية القصص والمواقف الملهمة: سواء كان ذلك من قصص السلف الصالح كالصحابة ومن بعدهم، أو من القصص المعاصرة كالمبادرات الخيرية و الأعمال التطوعية التي يشاهدها في مجتمعه أو عبر وسائل التواصل
رابعاً . تعريفهم بآثار و نتائج العمل الخيري، كيف أنه يساهم في خدمة المجتمع و تلبية حاجات الفقراء و المحتاجين و المرضى و الأيتام ، و يكون ذلك -مثلاً- عن طريق زيارة أحد دور الأيتام و التعرف على احتياجاتهم وكيف تسهم تبرعات الناس في تلبيتها ..
خامساً- أخيراً ذكر الجزاء الدنيوي والأخروي: للعمل الخيري و الثواب العظيم و اكتساب محبة الله و محبة الناس و أنّ ذلك سبب الفلاح و هو علامة على الصلاح ، و الآيات و الأحاديث في ذلك كثيرة، يقول تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران 114]
وعن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخلق عيال الله وأحب عباد الله إلى الله أنفعهم لعياله» (1)
فينبغي أن نغرس في أولادنا هذا الخلق العظيم عن طريق تلك الخطوات، ولكن بأسلوب بسيط ولطيف ومحبب، يفهمه الأطفال و يتقبلونه، مع مراعاة المراحل العمرية. والله أعلم
الهوامش:
1- البيهقي في شعب الإيمان رقم (7445)
الشيخ عبد السميع ياقتي
الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م
نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول
تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.
عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي
و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية
للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ