كيف أتعامل مع الشعور المستمر بالغازات ؟

 يجيب عن السؤال الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب

السؤال

كيف أتعامل مع الشعور المستمر بالغازات ؟

الجواب

بسم الله والحمدلله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد؛ فإن الشريعة الإسلامية السمحاء، راعت ظروف المكلفين، وأناطت الكثير من الأحكام الشرعية بالاستطاعة كما في الحج الذي هو أحد أركان الإسلام الخمسة، كما قيدت صحة العبادة باليقين دون الشك، وهناك قاعدة فقهية شهيرة تقول: (اليقين لا يزول بالشك)، ويندرج تحت هذه القاعدة الكثير من المسائل الفرعية.

والسؤال الذي بين أيدينا مما يتعلق بهذه القاعدة، قال الإمام القاضي حسين المروزي (ت 462هـ) رحمه الله، أحد أئمة الشافعية الكبار المتقدمين، في كتابه (التعليقة): “وهذا أصل ممهّدٌ في الشريعة، وهو أنّ ما تحُقِّق ثبوتُه، وشُكّ في زواله، لا يترك اليقينَ السابقَ بالشك الطاري، بل بيقين أقوَى منه أو مثله”(1). واستدل القاضي حسين بحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يأتي أحدكم، فينفخ بين أليتيه، ويخيل إليه أنه قد أحدث، فإذا وجد أحدكم ذلك فلا ينصرف عن صلاته، حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحاً”، وفي بعض الروايات: “حتى يسمع صوتاً بأذنه، أو ريحاً بأنفه”(2). وبما رواه الترمذي من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما مرفوعاً: “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك”(3).

قال العلامة ابن رسلان (ت 844هـ): “وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي: أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. فمن ذلك مسألة الكتاب التي ورد فيها الحديث، وهي: أن من تيقن الطهارةَ وشكَّ في الحدث؛ حُكِم ببقائه على الطهارة، ويستحَبُّ له أن يتوضأ احتياطاً”(4).

وعليه، فقد اتضح من هذه النصوص أن تردد الغازات في البطن وصدور أصوات لها دون أن يكون لها صوت أو ريح خارج من الدبر، أن ذلك لا يؤثر على صحة الوضوء، وبقاء الإنسان متوضئاً، مالم تخرج تلك الرياح من البدن فيسمَع صوتها أو يجد ريحها، كما هو نص الحديث الشريف، وهذا الأمر يوضح لنا عظمة الشريعة الإسلامية التي لم تدع المسلم تعتوره الشكوك في صحة طهارته، فبينت له كل شيء، بتفصيل لا مثيل له. والله الموفق.

الهوامش:

1- القاضي حسين، التعليقة: 2/ 874.

2- الحديث أخرجه البزار،  كما في [مجمع الزوائد] للهيثمي: 1/ 552، وقال: “رواه الطبرانيّ في [الكبير]، والبزار بنحوه، ورجاله رجال الصحيح”.

3- الترمذي، السنن: 4/ 249، حديث رقم 2518.

4- ابن رسلان، شرح سنن أبي داود: 2/ 205.

[الشيخ] الدكتور محمد أبو بكر باذيب

 

هو الشيخ الدكتور محمد أبو بكر باذيب عالم إسلامي من علماء اليمن، مواليد شبام – حضرموت 1976م

نال الشيخ الإجازة في الشريعة من جامعة الأحقاف، والماجستير من جامعة بيروت الإسلامية، والدكتوراه في أصول الدين من جامعة عليكرة الإسلامية .(AMU)

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ الحبيب أحمد مشهور الحداد، والشيخ فضل بافضل، والحبيب سالم الشاطري، والحبيب علي مشهور بن حفيظ، وغيرهم…

كان مديرَ المطبوعات في دار الفقيه، ونائبَ مدير العلاقات الثقافية بجامعة الأحقاف سابقاً، ومساعدَ شؤون الموظفين في شركة عطية للحديد سابقاً، وباحثاً في مركز السنة التابع لمؤسسة دلة البرك، وباحثاً في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة

وهو الآن باحث في مؤسسة الفرقان فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقوم بالتدريس التقليدي بطريقة الإجازة في دار الفقهاء تركيا، ويشرف على القسم العربي بمعهد نور الهدى العالمي (SeekersGuidance)، وعضو أمناء دار المخطوطات بإستانبول

من مؤلفاته: جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، وإسهامات علماء حضرموت في نشر الإسلام وعلومه في الهند، وحدائق النعيم في الفقه الشافعي،  بالإضافة إلى تحقيق عدد من الكتب الفقهية والتاريخية وفي فن التراجم والأثبات (الأسانيد)