تنتشر بين الشباب ألعاب الفيديو وكثير منها يشتمل على مشاهد حرب وإطلاق نار وقتل للخصم، هل هذه الألعاب جائزة شرعا؟
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
تنتشر بين الشباب ألعاب الفيديو وكثير منها يشتمل على مشاهد حرب وإطلاق نار وقتل للخصم، هل هذه الألعاب جائزة شرعا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
ألعاب الفيديو فيها نوع من الترويح عن النفس، والأصل أن الترويح عن النفس مباح جائز ما دامت وسيلته مباحة، منضبطة بالضوابط الشرعية؛ فلا يجوز أن يشتمل الترويح عن النفس تضيعاً لواجب أو شُغلاً عنه؛ فلا يجوز تعاطي المباح بتضييع الصلاة مثلاً، أو أن يتسبب تعاطي المباح في إيذاء النفس أو الآخرين، أو تعدٍ على حرمات الله سبحانه، كالنظر للصور المحرمة، أو الموسيقا المنهي عنها، وأمثال ذلك.
وإذا كانت هذه الألعاب – التي هي في الأصل للترويح – تتسبب بالمخالفات الشرعية التي ذكرنا بعضها، فإنها عند ذلك تحرم أو تكره بحسب نوع المحظور الذي تسببت به.
وإذا كانت هذه الألعاب تشجع على الاعتداء على أرواح الآخرين بغير حق (القتل ظلماً) أو تشتمل على الصور التي يحرم النظر إليها، أو تنشر العنف الذي يؤثر في نفوس الناشئة ويدفعهم للقتل أو تعاطي المخدرات والظلم، أو تعوّد متعاطيها على القمار والميسر…، فعند ذلك يحرم تعاطي هذه الألعاب.
أما إذا كانت هذه الألعاب منضبطة بالضوابط الشرعية؛ فلا تتسبب في ترك واجب ولا تأخيره، ولا تتسبب في وقوع محظور أو منهي عنه شرعاً، فتبقى في حيز الإباحة والجواز، بشرط عدم الإكثار منها فإنها عند ذلك تكره؛ لأن في الإكثار منها – عند ذلك – تضيعاً للوقت بغير فائدة، والوقت من أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، كما أن العبد مسؤول عن الوقت الذي يقضيه، كما أخبر بذلك المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ؛» عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ…”. (1) وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ.». (2)
وأخيراً: الوقت ثروة ثمينة ما ينبغي للمسلم أن يفرّط فيها، فهي عمره وحياته، كما قال الحسن البصري: ” إِنَّمَا أَنْتِ أَيَّامٌ مَجْمُوعَةٌ، كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ مَضَى بَعْضُكِ”. (3) وَقَالَ أيضاً: ” ابْنَ آدَمَ إِنَّمَا أَنْتَ بَيْنَ مَطِيَّتَيْنِ يُوضِعَانِكَ، يُوضِعُكَ النَّهَارُ إِلَى اللَّيْلِ، وَاللَّيْلُ إِلَى النَّهَارِ، حَتَّى يُسْلِمَانِكَ إِلَى الْآخِرَةِ، فَمَنْ أَعْظَمُ مِنْكَ يَابْنَ آدَمَ خَطَرًا؟”. (4)
والله تعالى أعلم.
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1): سنن الترمذي (2416).
(2): صحيح البخاري (6412).
(3): لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي ص304.
(4): جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي (2/382).
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.