أنا موظف أعمل لكفاية أسرتي، وأشعر بحاجتي الى الاكثار من العبادة والذكر، الوقت لا يكفي، وأشعر بتأنيب الضمير لتقصيري في الجانب الروحي. ما العمل؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

أنا موظف أعمل لكفاية أسرتي، وأشعر بحاجتي الى الاكثار من العبادة والذكر، الوقت لا يكفي، وأشعر بتأنيب الضمير لتقصيري في الجانب الروحي. ما العمل؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أخي السائل: القرب من الله تعالى وتحقيق رضاه لا ينحصر في كثرة الصلاة والذكر، وإن كانت الصلاة والذكر مما يرضي الله تعالى، ولكن كل عمل تقوم به تبتغي به وجه الله تعالى فهو طاعة تؤجر عليها، وأنت في سعيك على عيالك لك أجر من الله تعالى، وهذا أحد السبل لتحقيق مرضاته سبحانه، انظر لقول المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ‌أَفْضَلُ ‌دِينَارٍ ‌يُنْفِقُهُ ‌الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمْ، أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ .». (1)

وعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌إِنْ ‌كَانَ ‌خَرَجَ ‌يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ». (2)

وقال ‌صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ” وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، ‌حَتَّى ‌اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ…(3) والأدلة على ذلك كثيرة.

وأخيراً: من فضل الله عز وجل أن كل ما يفعله المسلم مسجل مكتوب، قال تعالى: ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ‌مُسْتَطَرٌ ﴾ [القمر: 52-53] والأجر يكون بحسب النية والإخلاص لله عز وجل، فقد ينام الإنسان ويكون نومه قربه لله عز وجل؛ فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنْ ابْتَغَى وَجْهَ اللهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ، وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ، وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، ‌فَإِنَّ ‌نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً، وَعَصَى الْإِمَامَ، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ “. (4) والله تعالى أعلم.

وصلى الله عليه وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


(1): صحيح مسلم (994).
(2): معجم الطبراني الكبير (282).
(3): صحيح البخاري (5354).
(4): مسند أحمد (22042).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول.