أنا موظفة، أختلط بالرجال في مقر عملي ومحيطه، وأشعر بالعاطفة تجاه بعض الزملاء، وأنتظر اقترابه مني وأود الارتباط به بالزواج، أريد حلا لهذه المشاعر التي تلازمني.

يجيب عن السؤال الشيخ عبد السميع ياقتي

السؤال

أنا موظفة، أختلط بالرجال في مقر عملي ومحيطه، وأشعر بالعاطفة تجاه بعض الزملاء، وأنتظر اقترابه مني وأود الارتباط به بالزواج، أريد حلا لهذه المشاعر التي تلازمني.

الجواب

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيد المرسلين و على آله وصحبه أجمعين و بعد:

فإن الإسلام لا يمنع المرأة من العمل؛ و لكن ضمن الضوابط الشرعية، القائمة على غض البصر -إلا بمقدار الحاجة-، و منع الخلوة، أو الاختلاط أو الكلام الفاحش المفضي إلى كسر حواجز الحياء و العفاف بين الجنسين، أو التلامس و المصافحة …

لذلك و قبل الإجابة على السؤال؛ لابد من بيان أهم هذه الضوابط الشرعية التي يجب مراعاتها في العلاقة بين الجنسين :

1ـ الالتزام بغض البصر : فلا نظر إلى عورة، ولا نظر بشهوة، ولا نظر في غير حاجة، قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾ [النور 30-31]

2- الحذر من الملامسة أو المصافحة أو زيادة الاقتراب : فعَنْ مَعْقِل بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:« لأََنْ يُطَعْنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لاَ تَحِل لَهُ» (1)

3ـ الالتزام بآداب الحشمة و العفاف : في الكـلام و عدم وضع الروائح العطرية وغير ذلك من التصرفات، بحـيث تكـون بعيدة عن الإغـراء والإثارة،

4ـ الحذر من الخلوة :  فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ.» (2) ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ.» (3)

5- أن يكون اللقاء و الاختلاط في حدود ما تفرضه الحاجة شرعاً : وما يوجبه العمل المشترك دون إسراف أو توسع أو استرسال

– فلا يحل للمسلم – بحجة العمل أو قصد الزواج أو غير ذلك -أن يستهين بهذه الضوابط،  فهي كلها من المحرّمات و المقدمات، والتي قد تؤدي إلى الفاحشة و العياذ بالله كما قال الله تعالى : ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً  ﴾ [الإسراء 32]،

– وبناءً على ما ذكرتي في السؤال : فإن بيئة هذا العمل التي تعملين فيه؛ لا تتوفر فيها الكثير من الضوابط الشرعية ، و من الطبيعي عند ذلك أن تتولد تلك المشاعر العاطفية التي جعلها الله تعالى بين الجنسين؛ ولكنها ليست في محلها وسياقها الشرعي؛ و بالتالي فهي حرام

فأنّى لهذه الفتنة أو النار ألا تشتعل وقد وُضعت بجانب وقودها، مع وجود من ينفخ فيها و يؤججها و يزيّنها ، و هو الشيطان مع حليفته النفس الأمارة بالسوء ؟؟!!

و على هذا ، فلا بد من تغيير بيئة هذا العمل أو شروطه بما يتوافق مع الشرع، و إلا فيجب ترك هذا العمل و البحث عن عمل آخر أو بيئة أخرى متوافقة مع الضوابط الشرعية و الله أعلم

الهوامش:
1- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (1087)
2- صحيح البخاري : رقم (5232 )
3- صحيح البخاري : رقم (5233) .

الشيخ عبد السميع ياقتي

الشيخ عبد السميع ياقتي عالم إسلامي من علماء سورية، مواليد حلب 1977م

نال الإجازة في الشريعة من كلية الشريعة جامعة دمشق، ودبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية جامعة حلب، ودبلوم الشريعة والماجستير في الشريعة من كلية الشريعة والقانون جامعة أم درمان في السودان، وهو الآن بصدد إعداد أطروحة الدكتوراة في جامعة محمد الفاتح في إسطنبول

تتلمذ على أكابر العلماء: كالشيخ عبد الرحمن الشاغوري، والشيخ مصطفى التركماني، والشيخ الدكتور نور الدين عتر، رحمهم الله، والشيخ الدكتور محمود مصري، والعلامة الحبيب عمر بن سالم بن حفيظ و الشيخ عمر بن حسين الخطيب والشيخ محمد الأمين الشنقيطي وغيرهم من علماء الشام وحضرموت والإمارات.

 عمل في مجال التدريس والتوجيه الثقافي في دار الأيتام وفي ثانويات حلب، وكان إماماً وخطيباً وقارئاً في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، ومدرباً معتمداً للخطباء في برنامج تأهيل الخطباء في أبو ظبي

و يقوم بإعداد و تدريس برنامج تعليم الشباب في سيكرز عربية للعلوم الشرعية

للشيخ مؤلفات أهمها: إمام الحرمين الجويني بين علم الكلام وأصول الفقه، وبرنامج (رسول الله فينا) ﷺ