أنا محاط باستمرار بأشخاص يغتابون، سواء في المدرسة أو المنزل. أريد الابتعاد عنهم، ولكني أيضاً لا أرغب أن يعتقدوا أنني أشعر بالأفضلية عليهم.
يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى
السؤال
أنا محاط باستمرار بأشخاص يغتابون، سواء في المدرسة أو المنزل. أريد الابتعاد عنهم، ولكني أيضاً لا أرغب أن يعتقدوا أنني أشعر بالأفضلية عليهم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
التعامل مع الأشخاص الذين يغتابون يمكن أن يكون تحديًا، خاصة إذا كنت لا تريد أن تظهر بمظهر المتعالي. وإليك بعض النصائح:
– بيّن لمن تجالسهم بأسلوب لطيف، حرمة الغيبة وقبحها وخطرها على الدين والدنيا واذكر لهم نهي الله تعالى عنها: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12] واذكر لهم قول رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ .». (1)
وذكّرهم بحديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي قال فيه: «أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ». (2) وذكّرهم بقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72]
فإن نصحت من تجالسهم وبينت لهم ما سبق، ووجدت أن ذلك لم يؤثر فيهم، فاعتذر من الجلوس معهم، وبين لهم أن السبب هو أنك لا يريد أن تجلس في مكان ترتكب فيه كبيرة من كبائر الذنوب التي نهى تعالى عنها، وأن فعلك هذا ليس بسبب الكبر وإنما بسبب هذه المعصية وأنك مستعد للجلوس معهم لو توقفوا عنها، وبذلك تكون قد بينت عذرك وفي نفس الوقت بينت لهم حكم الغيبة وحرمتها، فلعلهم بذلك يتوبوا ويرجعوا لحكم الله تعالى.
وأخيراً: أخي السائل تحقيق مرضاة الله تعالى ينبغي أن يقدم على كل شيء، فإذا حققت مرضاة الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ثم لم يرض عنك الناس فلا تأبه لذلك ولا تكترث، وتذكر قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عليه الناس”. (3)
والله تعالى أعلم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(1): صحيح مسلم (2589).
(2): سنن الترمذي (2418).
(3): صحيح ابن حبان (716).
الشيخ أنس الموسى
هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م
تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.
قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.
حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة، على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.
درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.
إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.
مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.
حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.
أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول