أشرع في تلاوة القرآن وأستمر عليه بضعة أيام ثم أنقطع، كيف أجدد الحافز وأجعل التلاوة عادة ثابتة دون أن أشعر بالإرهاق؟

يجيب عن السؤال الشيخ أنس الموسى

السؤال

أشرع في تلاوة القرآن وأستمر عليه بضعة أيام ثم أنقطع، كيف أجدد الحافز وأجعل التلاوة عادة ثابتة دون أن أشعر بالإرهاق؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أخي السائل: من دلائل الإيمان في قلبك حرصك جاهداً على أن تجعل تلاوة القرآن عادة ثابتة في حياتك.

وإليك بعض النصائح التي قد تساعدك في ذلك:

– اجتهد أن تقرأ القرآن مع جماعة، أو في حلقة قرآنية، كأن تجلس بعد الصلاة مثلاً في المسجد في إحدى الحلقات وتقرأ معهم القرآن، وإن لم يكن في مسجدك حلقة فاصنع أنت هذه الحلقة، فهذا يشجعك على الاستمرار ويزيد من حماسك، لأن المرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه. وقد قال صلَّى الله عليه وسلم: “‌ما ‌اجتَمَعَ ‌قَومٌ ‌في بَيتٍ مِن بُيوت الله يتلونَ كتابَ الله ويتدارسُونه بينهم، إلاّ نزلت عليهم السَّكِينة وغَشِيَتهُم الرَّحمَةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذَكَرهُمُ اللهُ فيمَن عندَه”. (1)

– اجعل لنفسك وقتاً معيناً تخصصه للقرآن، وليكن هذا الوقت هو الوقت الفارغ عن الأشغال، والذي تكون فيه مرتاحاً… واتخذ في هذا الوقت وِرداً معيناً (كمية محددة من القرآن) ولا تجعله ورداً كبيراً بل بالشكل الذي تؤديه دون أن تشعر فيه بالتعب. وتذكر حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اقْرَأْ القرآن في شهر” قلت: إني أجد قوة، حتى قال: “فاقرأه في سبع، ‌ولا ‌تزد ‌على ‌ذلك”. (2)

– اقرأ الأحاديث المتعلقة بفضائل قراءة القرآن بين الفينة والأخرى؛ فهذا يشحذ همتك، وتذكَّر أن من عرف قيمة ما يطلب هان عليه مقدار ما يبذل. ومن الأحاديث الواردة في ذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‌شَفِيعًا ‌لِأَصْحَابِهِ. اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ. أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا. اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ». (3)

وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ‌يُقَالُ ‌لِصَاحِبِ ‌الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا “. (4)

– والدعاء أن يثبتك الله تعالى ويعينك على تلاوة القرآن بانتظام مما ينبغي أن تواظب عليه…

وأخيراً: أنصح السائل بالمواظبة على قراءة السور الواردة في السنة النبوية وملازمتها يومياً (كسورة البقرة وآل عمران، وسورة الكهف، وتبارك وسورة السجدة، وسورة الدخان…، فهذا يحقق ألا يمر عليك يوم إلا ولك صلة وعلاقة مع القرآن ولا تكون من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا ‌هَذَا ‌الْقُرْآنَ ‌مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: 30]


(1): سنن أبي داود (1455).
(2): صحيح البخاري (4767).
(3): صحيح مسلم (804).
(4): مسند أحمد (6799).

الشيخ أنس الموسى

هو الشيخ الحافظ الجامع أنس الموسى بن محمد بشير من مواليد سوريا – حماة 1974م

تخرج في المعهد الهندسي قسم الإنشاءات العامة بدمشق، وتخرج في جامعة الأزهر كلية أصول الدين تخصص الحديث النبوي.

قرأ على كبار علماء دمشق، منهم الشيخ عبد الرحمن الشاغوري والشيخ أديب الكلاس وغيرهم.

حفظ القرآن وأُجير به وبالقراءات العشر المتواترة،  على الشيخ بكري الطرابيشي والشيخ موفق عيون، كما وتخرج من مدرسة الحديث العراقية.

درس الكثير من المواد الشرعية في المعاهد الشرعية في سوريا وتركيا.

إمام وخطيب لمدة تزيد على 15 سنة.

مدرس للقرآن الكريم بمختلف قراءاته ورواياته.

حالياً يعمل كمدرس في مؤسسة سيكيرز، ومسؤول التوجيه الأكاديمي فيها.

أنهى مرحلة الماجستير في الحديث النبوي، وهو الآن يكمل في مرحلة الدكتوراه بنفس التخصص، متزوج ومقيم في إستانبول